أيها الإرهابيون... موتوا

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في عام 2001 م من خلال المنسق لأنشطة مكافحة الإرهاب قائمة بأسماء المنظمات الإرهابية في العالم، ولقد تضمنت 234منظمة إرهابية، حيث قدر عدد المنظمات الإرهابية في أوربا بحوالي 25 منظمة، وفي آسيا بحوالي 75منظمة، وفي إفريقيا بحوالي 64منظمة، وفي أمريكا اللاتينية بحوالي 26 منظمة، وقدرت عدد المنظمات الإرهابية في العالم الإسلامي بما فيه الدول العربية بحوالي 77 منظمة، بينما قدرت عدد المنظمات الإرهابية في إسرائيل بمنظمتين فقط!!، مع العلم إن كل الشعب الإسرائيلي برجاله ونسائه عبارة عن إرهابيين وعنصريين يمارسون الإرهاب بشكل يومي ضد شعب أعزل ألا وهو الشعب الفلسطيني المظلوم.

والغريب إن الدول العربية انفردت دون شعوب الأرض بأغلب الأعمال الإرهابية التي أضرت بالأبرياء، واستباحت الدماء، وانتهكت الحرمات والأعراض، وسرقت خيرات الشعوب، ونشرت الخوف والرعب في قلوب المسلمين وغير المسلمين.

وأشرس إرهاب يواجه بلداننا العربية والإسلامية في الوقت الراهن الإرهاب القادم من رايات السود المتسم بالغطاء الديني. هذا الإرهاب الذي ابتليت به منطقتنا في السنوات الأخيرة والذي يهدد جميع فئات المجتمع من رجال ونساء وصغار وكبار وأطفال وشيوخ، كما يهدد بشكل أكبر علماء الدين، ورجال الفكر والثقافة، وأهل العلم والتربية، وأهل السياسة والاقتصاد.

ولو أجرينا مقارنة بسيطة بين إرهاب تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» وبين إرهاب الجيش الجمهوري الايرلندي قبل أن يلقي سلاحه جانبـــًا واستبدال العنف بالوسائل السياسية السلمية عام 2005م، لوجدنا اختلافــًا كبيرًا في أسلوب الإرهاب الممارس من قبل كل واحد منهما، فالجيش الجمهوري الايرلندي اعتمد أسلوب التحذير المسبق في إرهابه لكل قنبلة أو عبوة فجرها وذلك بهدف التقليل قدر الإمكان من الضحايــا المدنيين وتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» اعتمد أسلوب المباغـتـة والمفاجئة لكي يقتل أكبر عدد من الضحايا المدنيين، كما اعتذر الجيش الايرلندي مرات عديدة للمدنيين الذين قتلوا بسبب عملياته الإرهابية، وتنظيم الدولة الإسلامية لا يخطر على باله أن يعتذر أبدًا عن عملياته الإجرامية في حق المدنيين، وقدر عدد ضحايا الجيش الايرلندي بــ1800 ضحية أما عدد ضحايا تنظيم داعش تقدر بآلاف القتلى، وقد احتاج الجيش الجمهوري الايرلندي من الوقت لكي يلقي سلاحه ويتخذ الوسائل السياسية السلمية منهجــًا له في عمله إلى ثلاثين سنة وتنظيم الدولة الإسلامية

لا ندري كم يحتاج من الوقت لكي يلقي سلاحه ويتخذ الوسائل السياسية السلمية منهجــًا له، وإن كنا نستبعد إن يلقي هذا التنظيم الإرهابي سلاحه ما دام الفكر الإرهابي يعشعش في أذهان أتباعه. والجيش الجمهوري الايرلندي لم يتعرض إلى الأماكن الدينية والتاريخية بسوء لكي لا يتهم بأنه يدمر التراث الإنساني أما تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» يقوم في جوهره على تدمير الأماكن الدينية وانتهاك حرماتها وإهانة أتباعها، ويسعى بكل جهده إلى تخريب التراث الإسلامي والإنساني وإزالته من الوجود تحت ذريعة واهية تقول بأن هذا التدمير للأماكن الدينية هو إتباع لسياسة السلف الصالح.

لماذا الإرهابيون عندنا أكثر وحشية وقسوة وإيلامـــًا من غيرهم في البلدان الأخرى؟ ولماذا لم يتعلم تنظيم الدولة الإسلامية من الجيش الجمهوري الايرلندي باعتباره مصنفـــًا مثله كجماعة إرهابية مارس الإرهاب؟ واختبره وفشل في تحقيق أهدافه عبر العمليات الإرهابية، ولماذا لم يرَ فيه سلفــًا له يقلده ما قام به وهو السباق في مضمار الإرهاب والمخضرم فيه والداخل إليه قبله بعشرات السنيين؟ ولماذا يصر تنظيم داعش على اختطاف الأطفال والنساء كسبايا، وقتل الأبرياء بوحشية، وتخريب البنى التحتية للبلدان العربية والإسلامية عن عمد وإصرار، وتهجير الناس، ونشر الفوضى والفساد في العالم الإسلامي؟.

إن تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» يأبى أن يتعلم من أخطاء وجرائم الإرهابيين الذين سبقوه، لأنه يريد أن يكون التنظيم الإرهابي الأول في العالم بلا منافس، وأن يتفوق ببشاعته ومجازره وجرائمه على كل المنظمات الإرهابية الذي عرفها التاريخ البشري.

لكننا نقول لكل الإرهابيين في العالم وفي مقدمتهم تنظيم داعش وجبهة النصرة وللمؤيدين لهما وللمتعاطفين معهما علانية ً وسـرًا

«موتوا». فسوف يكون موتكم حياة ً لشعوبنـا، وأمانــًا لأوطاننا، وبقاء ً لحضارتنا، وسلامة لتاريخنا، وانتشارًا لديننا، وفهمــًا لقرآننا، وتقاربـــًا لمذاهبنا، ووحدة لصفوفنا، وقوة ً لأمتنا، وحبــًا لبعضنا بعضــًا، ورحمة لأبنائنا وبناتنا.

عندما يموت الإرهابيون وينقرض الفكر الإرهابي التكفيري سوف يتسنى للشباب والشابات في جميع أنحاء العالم فرصة التعرف كما ينبغي على الإسلام ورحمته، وقيمه ومبادئه السمحة، وقادته ورموزه الطيبة، وإنجازاته الإنسانية، وعطائه اللامحدود للبشرية، ومساهماته الجليلة في تقدم الحضارة الإنسانية.