قصاصة ورق
أحببت صاحبة الوجه الحزين بحثتُ عنها في أوقات مختلفة ولم أجدها . وتشاءُ الأقدار أن أرها في مكان آخر عانقتني طويلاً دمعة عيناها رأت على وجهي الدهشة والاستغراب قالت هذه دموع فرحت اللقاء وتبادلنا التعارف . كان أول لقاء بعد التعارف على شاطئ ، خاطبت البحر في هدوء ألفت في أعماقك بين القوي والضعيف ، أختي لم تحرم من وصل الجميع وتعطف على كل من أساء إليها قلبها الصغير يحمل بين جنباته أكثر منك . رأيتها فراشة تتنقل من زهرة إلى زهرة يوم فرحي ، لم تفارق البسمة وجهها وعطاؤها لم يفارقني ليمتد إلى مولدتي لترعها وتحافظ عليها كصدفة ترعى لؤلؤتها .
وألقي عليها بظلال مولدي الثاني ليكبر الحب وينمو عطاؤها . أحبها كل من نظر إليها ليشقها المرض ويحتضنها ويأبى أن يفارق معشوقته لترقد معه على السرير الأبيض ويداعب جسدها وتفرح من الألم . وتختلف وجهات النظر مع أحدى أبنائها وتكثر الشوائب والعوالق وينفجر جسر الوصال وترجع خطوات أبنها إلى الوراء. وتسير خطوات أختي نحو الوصال مع معشوقها ، وزينت وجهها بحزنها واعتذارها آهات ألامها . وتحمل أمي رجلها الثالثة وتفكيرها العفوي .
لا لا لم تسير المياه في أوديتها . لماذا لم تبنى جسور المحبة والمودة ؟ ألم يكن الاعتذار وافيًا ؟
نعم نعم .
اتسعت الرقعة بين أهلي وتعمقت الحفرة أعمق . ولم تنجو من بين يديه إلا بعد أن تمكن منها وحطم كل الجسور وأنعدم اللقاء . لتوصلها الأيام بطريقتها . ويتوقف تفكيرها وتأملها عند البحر ! وكيف تتكسر الموجة عند الشاطئ ؟ وتختفي قطرة المطر في داخل البحر ! كذلك أختها كسرها معشوقها الذي لم يفارقها ثانية ليأخذها معه إلى الحياة الباقية ، وتحرم الناظرين من رؤيتها وتتحادر دموعها وتخالط البحر . تنظر في وجهي وعلامة ؟ في محياها . وسؤالاً طرق لسانها ، لترتسم على وجهي الدهشة ويتلعثم لساني . لا لا أحد يقدر أن يفصل الدمعة عن البحر . كذلك حزني على أختي بل كل أحزاني فهي تخالط دمي كما خالطت الدمعة البحر.
وانعكاس الشمس على دموعها وهبها بريقًا من نوعٍ خاص كلؤلؤة تخطف الأبصار .
وما هذا العشق والهيام ؟
عشق نادرٌ أٌخلد مع محبوبته واستمر مدة الحمل ولكن بالأعوام . ويتسامران تحت غطائهم الأبيض, ويسهران في عد الحقن , وتقطع خلوة المعشوقينِ بالمتطفلينَ الزائرينَ والأطباء . وتعتذر صاحبة الوجه الحزين لعدم اكتحال نظرها بالمحبوبينِ إلا كعابر سبيل لأن براءة عقول أطفالها وأفقهم الضيق يرفض ويصعب عليهم تقبل أوفهم المعاني والكلمات والحركات التي يتهامسانِ بها المعشوقينِ . ويفرض الحال سؤالاً . وتحمل الإجابة معاني كثيرة لتحير أكثر من أن تقنع . كان الطرف الآخر لايتحمل مسؤولية الأولاد حتى لسويعات قليلة كما يرفض مرافقتها إلى الزيارة . ويتحمل من يرافقها عبء مسؤولية الأولاد . نعم تحمل مسؤوليتهم لسويعات محدودة . وأرجع وأنا جسد بلا روح كانت الروح تحرس المعشوقينِ والعين معلقة بهم مشدودة إليهم وبما رأت من ذلك الحب الذي لم يعد للأكل والشراب وقت لتقضي وقتها كله مع معشوقها وتبادل الكلمات التي تدوي المكان ليشهد ويسمع عالمها قصة حب من نوع آخر . وأسمع مِنْ مَنْ يشاطرني مسؤولية الأولاد كل حروف الاحترام والتقدير والألفاظ الذي لا تدل على تحمل ومشاطرة المسؤولية , وألفاظ في غير محلها ولا تدل على أن صاحبها يتمتع بذلك العلم الرفيع . وتضحك بصوتٍ عالي وتذرف الدموع . لم أحرم من أختي نظرتها قبل أن ترحل مع الحبيب وودعتها وهي تتلألأ بثوبها الأبيض لترحل معه كهذه الشمس التي أخذت في الرحيل لتشرق في الغد من جديد , وتشرق أختي في قلوب من أحبها إلى الأبد . وتتآلف القلوب المتناثرة وتتسامح ليصغر الإنسان أمام المصيبة . ويتكبر الطرف الآخر ويزداد تباعد ويتسربل بالسيف ويترك لسانهُ على جانب ليجرح صاحبة الوجه الحزين . ويزيد من أحزانها . وتنتهي أيام الحفل ولا يرفع سيفهُ البتار عنها ., وقد شملها وجميع أفراد أسرتها التي قطعها من قبل . ويستنكر عدم وصلهُ وتمجيد أفعالهُ وأقوالهُ وبرهُ بأختها وعطاؤها الذي رفعهُ على قمة الهرم لتكرم بدقائق معدودة في الحفل البهي الذي نصب على شرفها ورحماتهِ التي لم تفارقني لتتضاعف في نهاية الحفل .
ويحتضن البحر الشمس وتختفي بداخلهِ وتختفي كلماتها بداخلها .
يتبع ...