كلامك في صدقه وكذبه: الحرمة والحلية
انطلاقا من قصد الترقي الأخلاقي في الموسم العاشورائي، افتتح سماحة السيد مجاهد الخباز «دامت توفيقاته»، مساء الأربعاء، الموافق 3 محرم 1440، ورقته البحثية في مجال الأخلاق، بعنوان: مرض الكذب، أسبابه وعلاجه. فجاء تعريف الكذب بحسب الفقهاء قائما على ركنين، بهما تحققه، أولهما: الإخبار بما ليس بواقع، وثانيهما: قصد الحكاية بذلك الإخبار، وهي قصد الجدية والواقعية. وهذان خاضعان لقيد الإتيان بقرينة لفظية أو مقامية.
أما عن التورية وإحلالها في السياق الكلامي محل الكذب بنحو الأداة والمنفذ المنقذ، فليس في هذا من الكذب شيئا؛ لكونها غير الإخبار. مضيفا سماحته على هذا موردي الاستثناء الذين يرفعان حرمة الكذب، لو تم. وهما قصدا: دفع الضرر، وجلب المصلحة، لكن بشرط تعذر التورية بحسب فتاوى بعض الأعلام.
وعلى ضوء ذلك، احتوت تتمة الخطاب على بيان الغالب من علامات الكذب، والآثار المذمومة التي يخلفها على الكيان الإنسي وسيرورة شخصه وشخصيته في أنسجة المجتمع الإسلامي، مع ملاحظة عدم توافق الفطرة مع هذا السلوك الدخيل بنحو قطعي.
وعن ذلك تولَّد المدخل إلى الأسباب، فمنها: الأبوان، وعقدة الشعور بعدم التميز، واستفحال التنافسية والمحسودية، وتعاظم الظروف الصعبة، وتفاقم الأماني غير المحققة، والانغمار في فضولات الكلام. فكان الختام أن أشار سماحته إلى مجموعة من القواعد العلاجية التي من شأنها التصدي لهذا المرض الأخلاقي، كقاعدة التنفير من الكذب، وتقصي السبب، وتحري الدقة في مسالك التعبير ومضامين التقرير، ملفتا عناية المستمعين إلى جملة من مفاتيح الكلام لدى العلماء على سبيل الاحتمال والإمكان وتوسعة نطاق المقصد.