ليس لأصحاب الإمتيازات فقط !!
إننا لا نتلقى أي وسام من الحياة لقاء أن نجعلها صعبة خاصة على أنفسنا ، فعندما نقف أمام بداية جديدة في الحياة الخاصة أو المهنية فلدينا دائماً الخيار إما السير في الطريق السهل أو الصعب ، لكننا لا نتعرف على إمكانات الإختيار في معظم الأحيان ، ويعتقد كثير من البشر أن من الضرورة تصعيب الأمر على أنفسهم حتى يصلوا إلى شيئ في الحياة ، وبذلك فنحن أسرى تصوراتنا الخاصة إننا نسير بقرار منا في الطريق الصعب لأننا لا نستطيع أن نتصور وجود طريق سهل أيضاً ، أو إننا نعتقد أن هذا الطريق السهل مخصص فقط للناس أصحاب الإمتيازات !!
هذا الإعتقاد ليس صحيحاً على الإطلاق ، إن السير في الطريق السهل هو الذي يجعل حياتنا أكثر سعادة ويُسراً ، وهو طريق سالك لكل فرد شريطة أن يُحرر نفسه من التصورات المُعقدة ، والإعتقادات الخاطئة ، ويُمعن النظر جيداً حتى يجد هذا الطريق المفروش أمامه بالسجاد الأحمر على أقل تقدير ( ولن أقول بالحرير ) .
بالتأكيد إننا لن نستطيع السير في الطريق السهل أذا كنا لا نزال نجر معنا حملاً ثقيلاً ضاغطاً على الظهر ، والخطوة الأولى لجعل الحياة سهلة على الذات هي التحرر من التوافه ، والتشاؤم ، والتحرر بالدرجة الأولى من الأعباء والضغط الذي ينيخ بنا ، ويعيقنا عن بلوغ أهدافنا عبر أقصر الطرق ، وأكثرها أمناً ، وإنزال ثقل الماضي من على الظهر للسفر بعد ذلك بحقيبة يد خفيفة تريحنا في طي الطريق ، وإن كان ذلك يحتاج وقتاً وجهداً ليسا قليلين .
إننا لا نستطيع أن نزرع البذور ونحصد في اليوم ذاته ، الأمر يحتاج إلى وقت للنضوج ملازمٌ للأشياء حتى يمكن أن نحصد ما زرع حديثاً ، وقد يكلفنا زرع البذور بعض الجهد والوقت ، ولكن إذا كان لدينا ما يكفي من الصبر ، ولا نريد أ نجني قبل الأوان والموسم ، فإن الثمار الناضجة سوف تسقط في أحضاننا دون أن نضطر لقطافها لأن ثمن الجهد هو الراحة ، وثمن سنوات التعلم هو التجربة والخبرة والأستاذية ، وثمن النظام هو سهولة الوجود .
نحن نجعل الحياة صعبة علينا إنْ أعرنا الأحداث والوقائع إهتماما أكثر مما ينبغي ، وتعاملنا معها على أنها وقائع ثابتة " ثقيلة الوزن " وننسى ببساطة أن الوقائع تُصنع أيضاً . إن الظروف الخارجية التي تجعل حياتنا صعبة كثيرة ومتعددة ، وهي في أغلب الأحيان كانت سابقة على وجودنا ، أو أننا لا دخل لنا البتة في نشأتها وتكوينها ، ويجب علينا تنحيتها جانباً لأننا لا نستطيع تغييرها دون تغيير موقفنا الداخلي منها . ولقد أدرك " ألبرت أينشتاين " هذه الحقيقة بأن المشاكل لا تُحل في المستوى الذي ظهرت فيه ، وإنما في مستوى أكثر عمقاً ، فالمشاكل تبرز في المستوى الخارجي ، وتُحل في المستوى الداخلي ، وأن من يحاول حلها بصورة مختلفة ، فلن يزيد الأمر إلاَّ صعوبة لا ضرورة لها .
إننا نستطيع تغيير ما نشعر به ، من خلال تغيير طريقة تفكيرنا ، ففي الموقف الذي يشعر فيه الإنسان بأنه في " محنة " يستطيع عن طريق تغيير طريقة تفكيره في الموقف ذاته بأن الحياة قد وهبته " منحة " أو هدية جديرة بالإهتمام والرعاية لما فيها من دروس ومواعظ ، وفُرص متعددة للتعلم وكسب المزيد من التجربة والخبرة في الحياة تجعلها أيسر بإستمرار ونحن نسير في طريقها الطويل حتى لو كنا بمفردنا .
هيَّا يا عزيزي تحرر من مشاعرك السلبية من خلال تغيير طريقة التفكير التي تنتهجها ، فلا المستقبل تستطيع التحكم فيه ، ولا الماضي بمقدورك إرجاعه إلى نقطة الصفر ، الذي بوسعك فعله هو أن تسامح نفسك ، وأن لا تحكم عليها بالإدانة على ما فعلته فيما مضى ، لأنه لم يكن بإمكانك فعل شيئ آخر آنذاك . لا تكن قاسياً على نفسك وتقوم بإصدار الأحكام الجائرة بحقها ، كن متسامحاً مع ذاتك ، فعند ذلك فقط تستطيع أن تُسقط صخرة كبيرة كانت جاثمة على قلبك ، وتهنأ بإستنشاق نسيم الحرية الشخصية إلى الأبد .
أسقط كل نقد خائن لذاتك ، أقبل نفسك كما أنت ، وعندما لا تكون قادراً على فعل ذلك ، فمن ذا الذي يفعله سواك ؟ دلِّلْ نفسك بقدر ما ترغب ، كن طيباً مع نفسك بقدر ما ترغب أن تكون محبوباً ، امنح جسدك وصحتك الرعاية والإهتمام بكل محبة ، وعامله مثل المحبوبة ، إشعر إجمالاً بالسعادة مع ذاتك ونفسك بلا حدود . لا تُحمِّل المسؤولية والذنب للآخرين على الصعوبات التي صادفتها في مشوار حياتك ، وإذا كنت قد تعلَّمت مسامحة ذاتك على الأخطاء فسوف تتمكن من مسامحة الآخرين بسهولة بالغة وبثقة لا تُقهر . إمنح كل إنسان في حياتك بركة من قلبك ، فالإنسان الذي تمنحه البركة لا يمكن لك أن تُدينه .
جميعنا هنا فوق الأرض من أجل أن نعيش ونتعلم ونضحك وننطلق وننسى أيضاً ومع هذا كله يفوت على الكثيرين التعلم ، والحياة تصبر علينا ، ولكن إذا لم نتعلم في حياتنا اليومية فإننا سنرسب سنة أو أكثر لأن هدف الصف لم يتحقق ، وسيصبح الدرس علينا أكثر صعوبة مع تكرار الرسوب ، وسنحتاج لبذل المزيد من الجهد لنحرر أنفسنا من الدائرة الشيطانية ، والحلقة المفرغة التي ندور فيها ، لكي تعاود حياتنا السير من جديد نحو الجبال الشاهقة لنصل إلى قمم المعالي حيث نرغب أن نكون . وليس مهماً في الحياة فوق أي قمة تقف ، وإنما كيف تملأ المكان الذي تحتله ، وهكذا ينبغي عليك أن تقول بكل وعي " نعم " للمكان الذي تقف عليه ، وتقبل به بفكر منفتح وبقلب مبتهج أليس كذلك أيها الحبيب ؟ تحياتي لك وأطيب أمنياتي .