مقام الزهراء ومظلوميتها
الحديث عن الزهراء هو عين الحديث عن القرآن لأن الزهراء هي القرآن الناطق كما أن القرآن حجة الله على خلقه كذلك السيدة الزهراء حجة الله على خلقه ، القرآن في جماله وجلاله وكذلك السيدة الزهراء في كمالها وجلالها وجمالها . كثير يقرؤون القرآن والكثير يقرأ الأدعية الصادرة عن رسول الله وعن أهل بيته ولكن تتفاوت المعرفة . قراءة العالم للقرآن الكريم وقراءتهم للأدعية الشريفة وللسنة المطهرة ولسيرة المعصومين تختلف عن قراءة الناس العاديين وعن الناس الذين لهم نصيب وحظ من العلم . ولذلك الجاهل بمقامات القرآن والمعصومين يشنع على فهم العالم ويعتبره غلوا ومع الأسف أن بعض من يدعي العلم من الشيعة يصف ويؤيد الذين ينكرون فضائل أهل البيت ويعتبر أصحاب المعرفة وإن كان بحجم آية الله العظمى ومربي العلماء الشيخ وحيد الخراساني غاليا، والسبب هو الجهل .
العالم يقرأ الدعاء وغير العالم ا يقرأ الدعاء وعلى سبيل المثال دعاء البهاء وهو عبارة عرض لأسماء الله الحسنى وصفاته العليا ، فالعالم تتجلى له المفردة حية أمامه ويرى أثرها في قلبه وليس كالشخص العادي مجرد إيحاء فالعالم تؤثر في قلبه مثل هذه الأدعية أثرا واقعيا وتصله هذه الإضاءات والنورانية . كذلك الزهراء إذا قرأت سيرتها فالعالم العارف يقرأ سيرتها بمستوى يختلف عن الشخص العادي لما يحمله من علم ومعرفة . الزهراء مظهر من مظاهر عطف الله ورحمته ورأفته وإحسانه وجميع صفات الجمال والكمال بشكل مطلق, الحديث عن مقام الزهراء وعن فضائل الزهراء وعن مظلوميتها يحتاج إلى الكثير من المعرفة بعلوم الإسلام ، مقامها عند ربها . مقامها في القرآن ، مقامها عند رسول الله وعند الأئمة عليهم السلام . فلو فلم يكن مقامها عند ربها وتشريفه لها إلا بآية المباهلة لكفاها فخرا وشرفا وفضلا فبحسب هذه الآية المباركة تجعل الزهراء سيدة النساء وهي وحدها تؤمن على دعاء أبيها فهي تمثل جميع نساء الأمة ولم يأت بأحد من النساء غير الزهراء ، بل بحسب هذه الآية الشريفة فضلها يفوق الأنبياء غير خاتمهم صلى الله عليه وآله فإن شرفها من شرفه صلى الله عليه وآله ونورها من نوره . وناهيك بالآيات المحكمات في فضل الزهراء كآية التطهير وسورة هل أتي وآية المودة وسورة النور ، لأن الزهراء هي المشكاة وغيرها من الآيات التي تدل على عظمة وجلالة الزهراء .
ومقاماتها عند رسول الله وواحد من مقاماتها أن الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها . ما أعظمه من مقام إنه مقام شامخ عظيم . الزهراء تمثل رضا الله ، إستيعاب الرضا يحتاج إلى فهم عميق ، إن الله يرضى لرضاك ويغضب لغضبك .
ومعلوم أن الإنسان طبيعته عرضة إلى التقلبات وإلى تغيير الأحوال ، الإنسان في أحوال متعددة ولكن المعصوم يختلف عن الإنسان والبشر العادي ولا نقول أن المعصوم يختلف عن الإنسان في بشريته من حيث البشرية فإن المعصوم بشر. ولكنه كامل في بشريته وفي إنسانيته مميز عن بقية الإنسان في الملكات والخصائص والفضائل والمكارم والخشية لله عز وجل ، وحالي في خدمتك سرمدا. الزهراء وصلت إلى ربها بتوحيد خالص مخلص ، الزهراء مظهر مشيئة الله ، إذا رضيت عن شيء يكون في رضاها رضا الله ، وإذا غضبت على شخص فيكون غضب الله على ذلك الشخص . قال الله تعالى : " ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى " ويستنتج أن الزهراء بحسب حديث يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها معصومة . فالزهراء لها ملكات العلم والذكاء والفطنة والعصمة والطهارة . ومقامها عند أبيها هو قوله : فداها أبوها ، وفاطمة أم أبيها ، شجنة مني ، بضعة مني ، قلبه ، روحه التي بين جنبه .
ومقاماتها عند الأنبياء . ماتكاملت نبوة نبي إلا بالإقرار بشرفها وفضلها وبمعرفتها دارت القرون الأولى .
وتتجلى مظلوميتها أن الزهراء بكل ثقلها وما حازته من فضائل ومكارم وهي بنت رسول الله ونبي الإسلام تكون عند المسلمين مهمشة ، يظلم بعلها وهو نفس رسول الله ، وزوج ابنته ، وهارونه ، ووزيره ، وقاضي دينه ، والذي قام الإسلام بسيفه وجهاده ، والذي بدل مهجته يفديه بنفسه ويقيه بروحه ونفسه وجسده ، يغتصب حقه ويحرق باب داره ، ويهجم ثلاثمائة على بيته ويؤخذ مجبورا للمبايعة حتى ثارت ثورتها تدافع عن إمامها وإن كلفها فقد حياتها وهي في عمر الورد . يغتصب حقها ونحلتها الذي نحلها أبوها في حياته في الأرض التي صالح فيها اليهود والتي لم يوجف عليها خيل ولا ركاب ، وكذلك انتزاع أرثها التي ورثته من أبيها كما نص عليه القرآن العظيم وأن أولاد الأنبياء يرثون كما ورث يحي زكريا وكما ورث سليمان داؤود على حد تعبير الزهراء في خطبتها العظيمة البليغة . من مظلوميتها سب بعلها ثمانين سنة على منابر بني أميه لم يراعوا لرسول الله حرمة في زوج ابنته ولم يراعوا للزهراء حرمة . ظلم أولادها ، سم الحسن ، قتل الحسين . سبي بنات الزهراء من بلد إلى بلد ، أي ظلم للزهراء أعظم من هذا الظلم وقد دخلوا السيدة زينب وبنات الزهراء على يزيد الفاجر الفاسق المهتك .
إلى الآن واضح أن الزهراء مظلومة ، أين ذكر الزهراء ، أين قبر الزهراء ، أين الإعلام الذي يتحدث في العالم الإسلامي وفي القنوات الفضائية عن الزهراء ،. أليست الزهراء سيدة نساء العالمين ، لماذا التعتيم الإعلامي ضد الزهراء وأولاد الزهراء ، هل هذا تطبيق لأية المودة ، قل لا أسالكم عليه أجرا إلا المودة في القربى . ثارت ثائرة المسلمين على التصوير المسيء لنبي الإنسانية ، نعم كلنا تدفعنا غيرتنا على الإيمانية على نبي الإسلام ولكن ألا تستحق الزهراء بنت نبي المسلمين أن يدرسوا سيرتها الصحيحة ويعترفوا بظلمها وماجرى عليها والإستفادة من خطبتها الشريفة ومن أحاديثها وعلمها .