جمعية العطاء النسائية (مع أوضد)
لقد كثُر الحديث واللغط حول جمعية العطاء الخيرية والمارثوان الخيري الذي نظمته و شاركت فيه ولنا هنا رؤية قد توافق البعض وقد تعارض البعض الآخر لكننا هنا أحببنا طرح رؤيتنا للموضوع.
إنه ليس من الخطأ بمكان وجود مثل هذه الجمعية بل ومن الخطأ عدم وجودها كي تستقطب الجهود النسائية الشابة والكفاءات النسائية في منطقتنا ، وذلك وفق المتغيرات الحياتية، ضمن أطر واعية وصحيحة تهدف إلى تطوير دور المرأة وإبرازه على الصعيد الإجتماعي وغيره من الأصعدة التي تساهم في نمو المجتمع و تنميته والرقي به، ولو لم يكن هناك جمعية نسائية لوجب أن نوجد مثل هذه الجمعية ضمن معطيات وأدوار تتناسب معها.
إن وعينا بمثل هذا الدور هو أمر يفرضه الواقع وتفرضه المتغيرات التي تدور حولنا ، لكن يجب الإلتفاف إلى أن هذا الأمر يجب أن يكون ضمن الأطر الواعية والتي تراعي ظروف الزمان والمكان والمبادئ والمثل والقيم والدين وغيرها من أمور تحيط بنا و تتحكم في عقلنا الباطني ولا يمكننا الإنفصال عنها لإنها هي التي تحكمنا ولا نحكمها إلا إذا تمردنا على كل ذلك وأصبحنا لا منتمين.
إن إنتماء هذه الجمعية لمنطقة معينة يفرض عليها مراعاة ذلك الواقع ، في الوقت الذي يجب فيه أن تنطلق كي تسُد النقص والفراغ الذي يشهده الدور النسوي في منطقتنا.
إن الحديث عن ثقافة ذكورية وأنها هي المتحكمة في مصير النساء هو تسطيح للعقول والفكر ، فعلى مستوى العالم كم من النساء رؤوساء دول في الدول التي ادعت تحرير المرأة و دعت الدول الآخرى كي تحدو حدوها وأنشأت هيأت دولية لذلك ، لكن بالرغم من ذلك نرى وضع المرأة في تلك البلاد مأساوي فهي تباع وتُشترى وتُمتهن كرامتها وهي ضحية العنف والقتل والإغتصاب.
يجب علينا أن نعترف بأن للمرأة دور مغاير ومختلف عن دور الرجل وليس ذلك عيباً أو نقصاً في ذلك وقد يكون من باب الكمال أن لها هذا الدور المختص بها، لذلك فإن وجود طبائع واختلاف في التركيب لكل طرف تفرض وجود هذا الإختلاف لكن من ناحية آخرى نجد دورها متوافق مع دور الرجل او متكامل ومتساوي معه ومتعاون معه كما أنه يوجد لها أدوار مختص بها لا يستطيع الرجل القيام بها.
فلقد ضرب الله مثلاً للذين أمنوا بإمراة فهي التي أصبحت المثل للكل المؤمنين من الرجال والنساء ، ولم يكن الدين يمثل عائق للمرأة عن ممارسة دور من الأدوار التي تتوافق مع طبيعتها الفسيولوجية فلكل طبائعه و حدود إمكانياته وملكاته التي تجعله ضمن آطر معينة تفرضها عليه تلك الطبيعة فلو رأينا رجلاً كبيراً يمارس الحبو على رجليه مثلاً لكان ذلك الرجل مضرب السخرية بيننا ، وذلك لإن مثل ذلك الدور لا يتناسب مع سنه إلا إذا كان مريضاً أو معاقاً.
إن جمعية العطاء هي مطلب اجتماعي ضروي و لكن يجب أن يكون ضمن الحدود و الأطر التي تحكم هذا المجتمع من مراعاة العادات والتقاليد والمبادئ والمثل التي تتحكم في حياة الناس ، فمساحة العمل التي تعمل فيها هذه الجمعية هي مجتمعنا والذي يغلب عليه صفة التدين وما يتوجب من خلال هذه لصفة وهذه الميزة، ولذلك يجب مراعاة حساسية هذا الإنتماء إن أردت هذه الجمعية أن تأخذ دورها في المجتمع.
نعم قد يأتي البعض هنا ويقول بأن التدين والنظرة له تختلف من شخص لإخر وبأن العادات والتقاليد هي ما تتحكم أكثر من الدين في عقول وأذهان الناس، لذا يجب كسر قيود المجتمع ، أنا هنا أقول لإولئك إنك بهذه الطريقة سوف تكسر نفسك بدل كسر القيود الإجتماعية وسوف تحكم على نفسك بالفشل في بداية نشاطك لا لشيئ إلا لعمل هو فرقعة إعلامية أكثر منه عمل واقعي يحاكي حركة ونهوض المجتمع وقادر على مواكبة العصر والثقافة عبر رؤية وضحة وواعية و ثاقبة.
إن هناك أدوار كبيرة تنتظر جمعية العطاء النسائية على صعيد العمل الإجتماعي إن أرادت أن تعمل بصورة حقيقية تلامس واقع المجتمع وواقع المرأة في بلادنا ، كما يجب الإشارة إلى أنه مثل ما هناك واقع غير جيد للمرأة في بلادنا فكذلك الأمر هو بالنسبة للرجل .
لذا يجب تطعيم هذه الجمعية بالعناصر ذات الكفاءة والقدرة والخبرة لتكون قادرة على تحديد الرؤية الواضحة للمشاكل الحقيقية التي تعيشها النساء في مجتمعنا وليس بالتركيز على الظواهر الصوتية والإعلامية التي سرعان ما تخفت وقد تكون وبالاً على الجمعية وعقبات لها في طريق تفاعل المجتمع معها و تحد من قدرتها على مخاطبة مختلف مشارب المجتمع وفئاته
أنا هنا ليس مع أو ضد فأنا أوصف الواقع كي يتسنى لنا طرح رؤية واقعية بعيداً عن ظواهر النقد السلبي والتجريح الذي لا يقدم شيئا و لا يمكن أن يعود بنفع غير زرع بذور الشقاق وإذكاء الغبار الذي لا يفيد أحدا.
إن هذه الجمعية باستطاعتها تغيير بوصلة المجتمع عبر وضعها البرامج التي تخدم المرأة و التي تعتمد على الواقعية والبحث والتدقيق ووضع الدراسات الهادفة مع مراعاة الجوانب التي ينبغي الإلتفات له في ما ذكرته في حديثي سابقاً.
هنا أضع هذه الأبيات:-
هو ما كتبتُ وليس أمرٌ منزلُ قول الرواة وما أتوهُ تؤلُ
لم يعرفوا أنَ النساءِ كواملٌ زهرٌ وريحانٌ بحسنهِ نذهلُ
هنَ الشقائقُ للرجالِ أحبةٌ شركائُنا في كلِ أمرٍ نفعلُ