فالج لا تعالج !!
كثيرون هُمْ من ينتابهم اليأس من الطفرة التغيُّرية التي تجتاح المجتمع الذي كان حتى وقت قريب جداً يسوده التجانس والإنسجام ، وينامُ قرير العين ، مطمئن الفؤاد ، لا يخشى حتى من بعوضة تافهة تنغصُّ عليه حالة الصفاء التي ينعم بها .
هذا المجتمع الذي تحول في غفلة خاطفة من البساطة إلى التعقيد بات يتساءل عن مصيره الغامض الذي ينتظره بعد أن بانت مؤشرات تفكك بعض منظومة قيمه الداخلية ، وانغمس أفراده في مصالحهم الشخصية التي كانت في يوم من الأيام تقع في آخر سلّم أولوياته وإهتماماته ، وهذا ليس عيباً بل هو حق مشروع ، ولكن أن يهنأ الجميع في " منطقة الراحة " فذلك ما لم يكن في الحسبان ، ولا يُشكر عليه أحد .
حوادثٌ شتى تتسارع وتيرتها يوماً بعد آخر كموج البحر الهائج على مسرح الحياة الإجتماعية . عين تخاف ولا تستطيع ، وعين تستطيع ولا تريد !! جنائز الفعل الإجتماعي مستمرة على مرأى من يريد ، ومن لا يرغب ، وحالة من الإفلاس التدبيري تعلن عن بداية الألف ميل في مشوار التشظي النفسي الذي يزيده التباعد الفيزيقي مرارة وحسرة على شوارع باتت تعاني من الخواء التفاعلي المسؤول . فأما مندفع في جنون ، أو متجنب في سكون ، وبين هذا وذاك يقتنص العابثون فرصتهم المتاحة في راحة بال ، فإذا بغير المعقول صار واقعاً ، وإذا بغير المتوقع أصبح مألوفاً !!
ألمٌ يعصفُ بكل الوجدان التائه في بحر لجي ليس له قرار ، وقدارٌ يحاول إقناع من لا يقتنع بأحقية قضيته ولكن دون جدوى . الوعي يمخر عباب الأرض العطشى للحظة صدق مع من بعثر أجزاءها ، وراح يتبادل الإتهامات مع من يُفترض منه أن يتوحّد معهم لسد الثغرات على من يتربص بهم الدوائر ، ويغتال على أنغام شقاقهما براءة طفل ما زال يتلمس لحظة وفاق حُبلى تحسسه بالطمأنينة والأمان ، وتبعث له برسائل مودة بأنه ليس وحيداً في هذا الكون الذي بات يضيق بأحلامه المشروعة .
غريبٌ أمركِ أيتها النخلة الفيحاء ، ومُستغرب موقفك أيها الطود الشامخ من أنين الأحبة . ستحتقن أحداقهم وهم حفاة عراة من حق الرسم والتلوين ، والبوح المحتشم فيما هم ينظرون إلى مشهد الأوضاع دون ان يجدوا في هذه الخسائر الفادحة من حولهم لدور ولو بضمير مستتر لمن يعوّل عليهم في توجيه بوصلة التائهين في زحمة الأحداث والوقائع ، ولكنهم منهمكون في وقائعهم بل ومعاركهم الخاصة التي لا ندري إلى أين ستأخذهم بعد حين ؟
كيف يتكرّس الوهم الأزلي ، بقصور الأناس المؤهلين عن التفكير في حضرة أهل الحل والربط في المجتمع ، ليكون هذا تقسيماً ضارياً للعمل، بحجة قداسة الآلة الجهنمية القائمة على تقسيمٍ يفدح حق البشر في مقاومة الشقاء . أوليس هذا هو لسان الحال ؟ ربما يستنطق أحدهم ضمير الحجّة فتبرز أنياب الغزال !! تحياتي .