التدبير في خيانة التعبير
كل إنسان يمتلك لسان ... سريع في الحركة والشقلبة كقوة ألف حصان .. وخلف لحمة اللسان كفتين في الميزان ( عـقــل وهـوى ) ، فأما يطغي العقل فيصبح صاحبه مفوه وذو عطاء ، أو تطغى غريزة الهوى وحب الشهرة، فيصبح اللسان مدفع عيار 126 متر .. لكن توقفنا هنا عدة استفهامات يجب أن نفكر فيها ونحرك عقولنا عندها، وهي :
هل الطيلسان يخدم اللسان ويرقى بعرش الإنسان كما قال فصيح الفصحاء وإمام البلغاء ؟
هل يحق لكل إنسان في الأرض أن يفتح فاه ويتكلم خلف مكبر الصوت أو أمام الكاميرا ؟
هل يمكن أن استرجاع القنابل التي صدرت من مخدع الفم بعد خروجها ؟
هل الشهادات ( الحبر على ورق ) مقياس لكفاءة الكلام وفتح بركان اللسان ؟
هل كل متعلم سواء كان دكتوراً أو رجل دين أو بروفيسوراً .. مؤهلاً أن يخطب برمي ( القنابل العنقودية ) يسرة ويمنة ، بلعن هذا أو مدح ذاك ، أو تكفير هؤلاء ومدح غيرهم ؟
هل يعيد ويحي الزمن ضحايا اللسان من أشلاء تقطعت أو من سمعة وكرامة الإنسان ؟
ألا يعلم أصحاب البحث عن جنون العظمة إن زلة اللسان أعظم وأحد من ضرب السنان !
ألا يعلم هؤلاء إن الفتاوى الذرية التي أطلقوها عبر مكبرات الصوت وأمام كاميرا التلفاز وبال عليهم !
وإن العطار ( أسـف خانني التعبير ) أقصد الاعتذار لن يصلح ما أفسده اللسان .
فأول فرقعة إعلامية عندما سمعنا رغبة أولهم بهدم بيت الله الأكبر الذي يحتضن قبلة مليار ونصف مسلم .
ومنهم من كـفر أمة ثم يزيد الطين بـلة ببروبوجاندا زيارة مسجد القدس .
ومنهم من راهن على دفع مليون ريال لمن ينافس جودة أشعاره .
ورابعهم وليس آخرهم تلاسن وتراشق مع إعلامية أمام التلفاز أحسنت استضافته بكلام أخجل حتى أن أنقله على ورقة.
صحيح إن الشهرة جميلة وتلمع الإنسان وتلبسه قناع من الأوسمة والنجومية يستر عيوبه !
وصحيح إن بعض الأموال لا تسد ثغرات الجيوب المثقـوبة لبعض الألسن !
لكن وألف لكن.. وبحكم الأديان السماوية ، والأعراف والقيم والموازين الإنسانية .. يجب أن لا تكون الشهرة والأموال على حساب سمعة وشرف وقيم وأعراف الآخرين ! فينبغي علينا أن نحاسب أنفسنا أولاً ونعيد حساباتنا قبل زلة لساننا ثانياً ، وأن لا ننسى قول خير من تفوه محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وصحبه الكرام حين قال : ( ومن كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليقل خيراً أو ليصمت ) ، أو سينطبق عليه كلام الله عز وجل يوم لا ينفع مال ولابنين إلا من أتى الله بقلب سليم، حيث قال بسم الله الرحمن الرحيم : ( يوم تشهد عليهم السنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ) صدق الله العظيم ، وآخر كلامي من عقلي القاصر ، اطلب من الله العلي القدير، أن يعينني ويقيني ويغفر لي زلات لساني ، فأنا لست معصوماً كغيري .. لكن لدي عـقل بداخل أم رأسي ، به أثاب وبه أعاقب ، واللبيب بالإشارة يفهم .