مأزق القيادات الإجتماعية

الأستاذ إبراهيم علي الشيخ * 11 / 4 / 2009م - 9:23 ص

مما لا شك فيه أن كل واحد منا يتطلع لأن يكون له دور بارز في المجتمع يستطيع من خلاله أن يُشبع حاجاته النفسية ويدلل به على ولائه للجماعة التي ينتمي إليها .

 كما أن حجم وأهمية هذا الدور يتحدد من خلال ما يقدمه الفرد من جهود متميزة تساهم في تصميم البصمة الإجتماعية للجماعة وتعزز مكانتها في المحيط الإجتماعي الذي تتنفس هواه وتترعرع في أحضانه ، وتستمد شرعيتها من إعترافه بها ، وإحساسه بدورها الذي يجب أن يتكامل وظيفياً مع الأدوار التي تقوم بها الجماعات الأخرى المماثلة أو ( المنافسة ) لها في أعمال الخير .

ومن الطبيعي أن يكون هناك تناوباً في الأدوار الإجتماعية سواء في داخل الجماعة الواحدة ذاتها ، أو في المجتمع بأكمله وذلك من أجل تدوير الخبرات الإجتماعية ، في إطار التعاقب أو ( التوريث ) الحتمي للأدوار من أجل إثراء الكفاءات البشرية في المجتمع وزيادة معارفها وصقل قدراتها وترسيخ مهاراتها بشكل يحفظها من التآكل والضياع .  

وبالرغم من حالة التكاتف والتعاضد التي يتميز بها المجتمع المحلي ، والمتانة التنظيمية التي تصطبغ بها التشكيلات الإجتماعية بأهدافها المختلفة إلاَّ أن بطئ الحراك الوظيفي داخل تلك الجماعات يهدد قدرتها على الإستمرار في القيام بواجباتها الإجتماعية ، ويحرم شرائح  المجتمع من الإنتفاع بخدماتها أو الإستفادة من جهود أفرادها . 

كما أنه من المفيد لقيادات تلك الجماعات أن لا تركن إلى وضعها القائم وتستحسن البقاء فيه خوفاً من المخاطر الواهية للنتائج المنتظرة لخطط التطوير والتحديث ، بل عليها أن تعمد إلى إعداد القيادات الشابة والواعدة التي تستعر منها الرغبة والكفاءة والتوازن بين الميل للتعاون ، والميل لتحقيق الذات . 
 
مع الأسف الشديد هناك رهبة غير مُبررة لدى بعض الشباب من تولي المواقع القيادية في المجتمع رغم كفاءتهم الفائقة ومساهمتهم العميقة في إبراز قيادات تلك الجماعات والعمل بجد وإجتهاد لترسيخ نجاحها .

 كما أن بعض القيادات نفسها لا تفكر البتة في إعداد وتأهيل من يخلفها في مواقعها عند الضرورة .

في بعض الأحيان ترى أن هناك بعض الحراك أو التدوير الوظيفي أو التعاقب في  الأدوار الإجتماعية ، إنما إذا أمعنت النظر تكتشف بمرارة أن الأمر لا يعدو كونه ديكوراً خارجياً .

 فمن سبق مازال هو الذي يدير الشأن العام لتلك الجماعة ، وهو الحاكم بأمره ، وأنه ما زال يمثل المرجعية المطلقة للجماعة سواء فيما يتعلق بنظام الجماعة الداخلي ، أو ما ينظم علاقتها مع الجماعات الأُخرى في الفضاء الإجتماعي الذي تعيش فيه .

لماذا هذا الشُح في إتاحة الفرصة أمام الكفاءات الواعدة ؟ ولماذا هذه الممارسة الخاطئة ( عن حُسن نية طبعاً ) في إدارة الجماعات الإجتماعية ؟ ولماذا يعزف بعض الشباب عن التقدم إلى الصفوف الأولى في العمل الإجتماعي ؟ لست هنا بصدد توجيه الإتهام لأحد ، أو التقليل من الجهد المبارك لأي جماعة  ( فكلهم على خير كما يقول دائما الخال العزيز أبو علي ) وأنا مؤمن بذلك .

 إنما  كما يعلم الجميع  بأن الأدوار الإجتماعية التي ينبغي أن نقوم بها في إطار واجباتنا الإنسانية في المجتمع لا يمكن أن نتعلمها على مقاعد الدراسة أو في داخل المختبرات الجامعية .

 بل نحن نتشربها من خلال تفاعلنا اليومي مع أفراد المجتمع إعتماداً على الفرص التي يتيحها أفراده لأفراده ، ومدى حماس هؤلاء الأفراد للقيام بتلك الأدوار بسعادة ووئام .

دعونا نسأل  ؟؟؟
من علَّم مغسلي الموتى ، وحفاري القبور ، ومؤذني المساجد ؟ من علم قارئي التصديقة ، والموالد ، ( والشيَّالين ) والمذيعين في المناسبات ؟ هل المدارس ، والمعاهد ، والكليات ، والجامعات ؟ من علم .. وعلم ... وعلم ...

هذه هي وظيفة المجتمع كما يُقرر علماء الإجتماعي قاطبة بأن ( المجتمع يصنع أفراده ) لا ينحرهم بالإنتقاد تارة وبالتجريح تارات أُخرى . والله من وراء القصد . سامحوني طيّب الله أوقاتكم ولا حرمنا وجودكم  .