ما نراه ليس الحقيقة
- إلحاقاً بمقالي السابق عما رأيته في قيادة المركبة من تأملات ودروس حياتية، أكمل هنا تلك التأملات. علمتني القيادة أيضاً احترام الأكبر مني حجماً كالحافلات والشاحنات وتوخي الحذر منها. فعلى الرغم من ثقلها وبطئها أحياناً إلا أنها دائماً ما تكون محملة بالأشياء أو الأشخاص، وتحتاج إلى مجال ومساحة أكبر للتحرك، مما يعد مسؤولية كبيرة، لذلك نحتاج للحذر عند المرور بجانبها أو تجاوزها لأنها تستطيع سحقنا في لحظات.
- تعلمت أن أعطف وأهتم بالأصغر مني سنّاً وحجماً وقوة. وعلمتني القيادة العطف على من هو أصغر مني حجماً وقوة. ففي الطريق، يعتبر المشاة وسائقو الدراجات النارية أو الهوائية أضعف من قائدي المركبات وأقل حماية وسلامة، في حال حدوث أي تصادم. لذلك، وجب احترامهم وإفساح المجال لهم والتعاطف معهم وإعطاؤهم الأولوية. من المهم أن يتقن السائق مهارة حسن تقدير المسافات والمساحات واختيار التوقيت المناسب. إن حسن تقدير المسافات وترك مسافة كافية بيننا وبين المركبات التي من حولنا يساعد على تفادي*الحوادث. وهو يشبه لحد كبير حسن تقدير المسافات بيننا وبين البشر الذين حولنا. فهنالك من يستحق أن يكون قريباً منا، وهنالك من كلما زادت المسافة بيننا وبينه كنا أكثر أماناً وسلامة. من المهم أيضاً إدراك السائق لحجم سيارته وحسن تقديره للمساحة التي ينوي القيادة فيها كالأزقة او مواقف السيارات الصغيرة والتي لا تتناسب وحجم سيارته، ذلك يشبه لحد كبير توظيف طبيب في الاستقبال أو خطبة شخص قليل التعليم والثقافة لفتاة طموحة.
- من المهم تقدير التوقيت الصحيح للعبور أو التجاوز في الطريق. وكم من مرة دمرنا التوقيت الخاطئ للإفصاح عن بعض الأشياء أو القيام ببعض الأمور في حياتنا. «الأجسام الظاهرة في المرآة تبدو أصغر وأبعد مما هي عليه في الواقع». جميعنا قرأ العبارة الشهيرة المكتوبة على أسطح المرايا الجانبية لجميع السيارات والتي تهدف لتنبيه السائق أن ما يراه في المرآة ليس حقيقيّاً أو دقيقاً. هكذا هي الحياة، فأغلب ما نراه في الإعلام وخلف الشاشات وما يختار بعض الإعلاميين أو المشاهير أن يرونا إياه ليس حقيقيّاً ولا دقيقاً ولذلك وجب علينا الوعي والحذر لتجنب الصدمات. النقاط العمياء هي الأماكن التي لا نستطيع رؤيتها بواسطة المرايا الداخلية أو الخارجية للمركبة، مما يعني أن هناك مجالاً محدوداً لرؤية سائق المركبة مهما كان ماهراً. وما أكثر النقاط العمياء في حياتنا. لذلك من المهم لنا كبشر أن نكون مدركين لنقاط الضعف والنقاط العمياء في حياتنا التي تجعل رؤيتنا للأمور محدودة وناقصة مهما اعتقدنا أنها كاملة.