المباهلة مفتاح التشيع
آية المباهلة هي : فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61). وهي الآية رقم 61 من سورة آل عمران.
هذه الآية الكريمة تحمل من المضامين ما يعجز اللسان عن تعبيره والقلم عن شرحه والبيان عن إفصاحه ، فلو تمعن القارئ الكريم تمعنا دقيقا من دون العصبية والعناد في مضمون هذه الآية الكريمة لعلم بأن ما تحمله هو تأكيد مباشر من الله تعالى بأحقية أمير المؤمنين (علي بن ابي طالب عليه السلام) بالولاية على الخلق اجمعين ، وإيضاح أنه المنصوص عليه من الله تعالى نصا واضحا في كتابه وبأمره جل شأنه.
وأن هذه الآية الكريمة تحمل لكل باحث ان ينظر ويتعرف على الخاصية الخصيصة التي حضاها امير المؤمنين على غيره من الصحابة والمكانة السامية التي سما بها علوا بعيدا عن كل من شابهه من الرجال ما عدا بن عمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن الأمر ليس شورى كما ادعاه وزعمه البعض وحملوه على ذلك ظلما وعدوانا.
أسباب نزول الآية الكريمة :
اتفق المفسرون انها نزلت في نصارى نجران وقصتها باختصار:
انه عندما كتب النبي صلى الله عليه وآله كتاباً إلى أسقف نجران المدعو بأبي حارثة يدعوه للإسلام فلما وصل الكتاب قرأه الأسقف بعناية ودقة متناهية ثم شكّل مجموعة للمشاورة ، وقرر المتشاورون أن يـبعثوا وفداً إلى المدينة للتباحث مع رسول الله صلى الله عليه وآله ودراسته مع الرسول ، فأختير لهذه المهمة ستون شخصاً من أعلم أهل نجران وأعقلهم، وكان على رأسهم ثلاثة أشخاص من اساقفتهم هم:
1- أبو حارثة بن علقمة أسقف نجران الأعظم.
2- عبد المسيح رئيس وفد نجران.
3- الأيهم وهو من الشخصيات البارزة والمحترمة عند أهل نجران.
قدم هذا الوفد المسيحي المدينة ودخلوا المسجد على رسول الله وهم يلبسون أزياءهم الكنسية ويرتدون الديـباج والحرير،ويلبسون خواتيم الذهب ويحملون الصلبان في أعناقهم.
عرض رسول الله صلى الله عليه وآله على وفد نجران وتلا عليهم القرآن، فامتنعوا، وقالوا: قد كنا مسلمين قبلك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله كذبتم ، يمنعكم من الإسلام ثلاث: عبادتكم الصليب، وأكلكم لحم الخنـزير، وزعمكم أن لله ولداً.
فقالوا:المسيح هو الله لأنه أحيا الموتى، وأخبر عن الغيوب، وأبرأ من الأدواء كلها، وخلق من الطين طيراً.
فقال النبي:هو عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم.
فقال أحدهم:المسيح ابن الله لأنه لا أب له.
فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله عنهم فنـزل الوحي بقوله تعالى:- (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب).
فقال وفد نجران: إنا لا نزداد منك في أمر صاحبنا إلا تبايناً، وهذا الأمر الذي لا نقره لك، فلنلاعنك أينا أولى بالحق فنجعل لعنة الله على الكاذبين.
فأنزل الله تعالى آية المباهلة على رسول الله،فدعاهم النبي الأكرمإلى المباهلة فقبلوا، واتفق الطرفان على أن يقوما بالمباهلة في اليوم اللاحق.
وقد اتفق الطرفان على إجراء المباهلة في خارج المدينة في الصحراء،فاختار رسول الله من عشيرته وأهله ومن المسلمين أربعة أشخاص فقط،وقد اشترك هؤلاء في هذه المباهلة دون غيرهم.
فخرج محتضناً الحسين،آخذاً بيد الحسن،وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها،وهو يقول:إذا دعوت فأمنوا.
كان زعماء نجران ورؤساؤهم قد قال بعضهم قبل أن يغدو رسول اللهإلى المباهلة:انظروا محمداً في غدٍ،فإن غدا بولده وأهله فاحذروا مباهلته،وإن غدا بأصحابه فباهلوه،فإنه ليس على شيء.
وفيما كان رجال الوفد يتحادثون في هذه الأمور إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وآله والأغصان الأربعة من شجرته المباركة بوجوه روحانية نيرة فأخذ ينظر بعضهم إلى بعض بتعجب ودهشة كيف خرج رسول الله بإبنـته الوحيدة، وأفلاذ كبده وكبدها المعصومين للمباهلة.
فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى إني لأرى وجوهاً لو شاء الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يـبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة.
ولمن اراد التحقق اكثر يمكنه متابعة الرابط ادناه بتفسير الجلالين
تصنيفات الآية:صنفت الآية الكريمة للمصاحبين للرسول الى ثلاثة اصناف:
- الصنف الأول الأبناء: عندما خرج للمباهلة كان حاملا الحسين وماسكا بيد الحسن عليهم السلام وهؤلاء الأبناء يمثلون ابناء الامة الإسلامية بأكملها
- الصنف الثاني النساء: وكانت سلام الله عليها خلف الرسول تمشي وقد مثلت نساء الامة الإسلامية بجمعها .
- الصنف الثالث النفس: وعني بالنفس في هذه الآية الكريمة هو علي بن ابي طالب حيث كان خلف الزهراء ونفس علي عليه السلام هي نفس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ونفس محمد هي نفس علي ونفس علي هي نفس محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، والرسول وعلي عليهما السلام هما نفس واحده في جسمين مختلفين كما وصفهما القرآن الكريم .
إذا حمل علي عليه السلام هذا المضمون المقدس بأمر الله سبحانه وتعالى فهل يقاس به احد على الإطلاق ما عدا نفسه وهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أو هل يزن بمستواه الخلق بأكمه بل الوجودك كله ، هيهات !!!
من هنا يأتي تبرير بعض ما يتهم به الشيعة كونهم يغالون في ائمتهم ، فكيف لا نغالي في مثل نفس الرسول ، فقد اعطاه الله هذه المنزلة العظيمة وسرقها اعدائه حسدا وغيضا وبغضا واتهم محبوه بهذا ، لكن يبقى علي شامخا رغم الضغائن والحقد الدفين له ولأهل بيته الطاهرين وشيعتهم المنصورين والمؤيدين.
بهذا الطرح البسيط يتضح ان مستوى علي بن ابي طالب عليه السلام يعدل مستوى الرسول فهو النبي وبما انه لا نبي بعده إذا فهو الإمام بعده بنص القرآن الكريم .
وفي الآية الكريمة المقبلة يتضح مضمون هذا التعريف ، تقول الآية الكريمة في قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ۖ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59). ، فطاعة الله ثابتة وواضحة وهي مقرونة بطاعة الرسول وكذلك طاعة الرسول واضحة وثابتة علما بأن البعض لم يطع الرسول في كثير من الامور وكذلك طاعة اولي الأمر ، وأولي الامر اليوم هم اكثر الناس فسادا فكيف يأمر الله عبيده ان يطيعوا اهل الفساد وهذا ينافي عدله وحقيقته جل شأنه ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
إذا صفات ولاة الامر يتناقض مع المقصودين في الآية الكريمة ، فلابد من تحويلها لنوع آخر غيرهم ، نوع يحمل نفس مواصفات الرسول حتى يئتمنوا على الولاية العامة والخاصة ويحملوا نفس خصائص الكمال التي يحملها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما شهدت بذلك الآية الكريمة ، كما ان الآية الكريمة اعطتهم الشرعية في أمر الولاية وكذلك شرعنة الولاة لا يتفق مع احد قط غير علي بن ابي طالب لما يحمله من مؤهلات شهد بها القرآن الكريم ولم يعطها لغيره.
وكون هذه الشرعنة صحيحة ومأمورة من الله جل شأنه إذا كل ما عداها فهو باطل.
لماذا اختيار هذه المجموعة بالذات :
وإليك بعض اسباب اختيار الرسول صلى الله عليه وآله لهذه المجموعة النيرة :
1- إن اختيار هذه المجموعة هو اختيار الهي ولا خيار لأحد في ذلك.
2- لا علاقة لرسول الله صلى الله عليه وآله بالإختيار.
3- حينما سئل عن هذا الإختيار عرفه بقوله: " لو علم الله تعالى أن في الأرض عبادا أكرم من علي وفاطمة والحسن والحسين لأمرني أن أباهل بهم ، ولكن أمرني بالمباهلة مع هؤلاء فغلبت بهم النصارى.
4- عدم وجود من يماثلهم في الطهارة والنقاء والصدق.
5- إخلاص أهل بيته في التضامن والوقوف معه.
6- أهلية هذه المجموعة الروحية والمعنوية وهذا هو شعار خالص لدعم الرسالة المحمدية التي يبدأها محمد ويكملها أهل بيته الأطهار.
7- علم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأن المغلوب سيحترق وقدم فلذات كبده لهذه البينة لعلمه بصدق دعواه .
8- إرهاب النصارى رؤيتهم ذرية الرسول صلى الله عليه وآله في المباهلة