حجاوي وحرابة يحلقان في المجازي العالي
تألقت أروقة مكتبة مركز الملك عبدالعزيز الثقافي «إثراء» بالظهران بوهج الشعر وألق المجاز في الأمسية الشعرية التي أقامتها جمعية ابن المقرب للتنمية الأدبية والثقافية، وذلك مساء يوم الخميس 2024/11/28م، وقد حملت عنوان «مجازٌ عالٍ».
بدأ مقدم الأمسية الشاعر إبراهيم بوشفيع بإعلان بدايتها بالترحيب بالحضور الكريم وبفارسي الأمسية، مقدمًا الشكر لأمانة المكتبة على إتاحة الفرصة لإقامة الأمسية فيها.
بعد ذلك قام بالتقديم للشاعرين جعفر حجاوي وناجي حرابة، معرِّفًا إياهما بسردٍ موجزٍ لسيرتهما الإبداعية، ليعلن بعدها انطلاق الجما الشعري على مدى ثلاث جولات.
وقد قدم الشاعران حجاوي وحرابة خلال هذه الجولات مجموعة رائعة من النصوص اتسمت بالعمق والدهشة والخيال المحلق واللغة الشعرية العالية، والتي قابلها الجمهور بموجات التصفيق والاستحسان.
ألقى الشاعر جعفر حجاوي في جولاته الثلاث عدة نصوص مختارة من ديوانيه، منها: كنتُ نسيًا، اشتقت إليك، أين ألقاك؟، ويقول في نص رحيلٌ إلى آخرِ النخل في عينيك:
عبرْتُ قبلَكَ ظلًّا
فاطمأنَّ إلى عطري الشهيّ
ولما ضمّني التبسا
.
فسال في جسدي
واختارَهُ لغةً من الترابِ
وفي أحداقيَ انعكسا
.
تبعتُ دمعته الحمراء؛
حين جرت تصفّحتْ عمرهُ القاسي
أسىً فأسى
.
في غربةٍ كلّما حنّت عليه بكى
في وحدةٍ حينما ضاقت به ائتنسا
.
ركضتُ بينَ شفاهي
باحثًا عبثًا
عن قبلةٍ تَخِزُ اسمي
كلّما نعسا
.
كان المساءُ حزيناً
كانَ يرغبُ أن
تروضي بعناقٍ حزنَهُ الشرسا
.
أن تطفئي ضوءَ هذا الخوف
أن تلجي
لعتمةِ فيهِ
ضوءاً حافياً سلسا
ويقول في نصه الآخر وحي صاعد بالحب:
كانوا _وقد كانت الأسماء محضَ صدى_
حقيقةً
واسمهم في القلبِ معتكَفُ
.
من قبل أن تعرِفَ الأنهارُ وجهتَها
من بعد ما عبأوها الحبّ وانصرفوا
.
من وقتِما كانت الألوان
شاحبةً صفاتُها
والمرايا لم تكن تصِفُ
.
رأيتُ إذ مرّ بي ليلٌ عيونَهمُ
منقوشةً في زواياه التي وصفوا
.
الأصدقاءُ قناديلُ الوجودِ
إذا ضاقت بنا عتمةٌ
ضاءوا بما نزفوا
.
الأصدقاءُ هدايا اللهِ يبعثُها
حبّاً ولطفاً
ويدعوها فتأتلفُ
أما الشاعر ناجي حرابة فقد ألقى نصوصًا متفرقة تتناول جوانب جمالية متعددة من مختلف دواوينه الشعرية، منها: كان موتًا مجازًا، ثائرٌ في اللغة، خولة، زيارة إلى حزن فقير.
يقول في نصه حول المتنبي «ثائرٌ في اللغة»:
لم تكنْ كوكباً في مدارِ الورى
كنتَ نجماً يسافرُ في التيهِ
يُربكُ حدْسَ المنجّمِ
إذ لمْ يجدْ في الإشاراتِ
ما يكشفُ السِّرَّ
عن وجهِ ذاك السُّرى
أيُّهذا المُطلُّ على عصرنا
من كُوى شعرهِ
ثائراً أكبرا
خفّفِ الرّكضَ
واكبحْ قليلاً جماحَ الصهيلِ
الذي وَجَّ
وانثالَ في الدَّهرِ
يروي لُهاثَ القرى
وقِفْ
نسألِ الآنَ ماذا؟
وكيفَ؟
وهلْ يا ترى؟
ثائرٌ أنتَ في لغةٍ
جفّفتْها على شفةِ الشعرِ رِيحٌ
وصامتْ
إذ الماءُ
آخرُ ما في وصايا الينابيعِ
صمتاً جرى
ويقول في نصه الآخر: اختلاسٌ أبيض لهواجس كفيف:
صوتُ أمّي دليلي إلى الدارِ
أصواتُ هذي الخلائق أسماؤها
لستُ أعرفُ إسمًا للونٍ
سوى ما يقالْ
إنه البلبلُ الآنَ مرَّ
وألقى على مسمعي عوذةً وابتهالْ
تلكَ سيارةٌ في الطريق المقابل أَنَّتْ
وقد تستريحُ قليلًا
إلى أن تخفَّ الحمولُ الثقالْ
ليس في جعبتي خارطةْ
إنهُ الدَّربُ لا منتهىً في مداهُ
وأثمارُ أرزائهِ ساقطةْ
يا دُجىً قلْ لنا كيفَ نعرفُ أنّ السّنا أشرقا؟
يا سنًا قلْ لنا:
كيفَ تغفو وتصحو؟
وكيفَ اقتسمتَ الدّهورَ مع الليلِ
من دونِ أن تعقدا ملتقى؟
وفي ختام الأمسية كرّم الرئيس التنفيذي لجمعية ابن المقرب للتنمية الأدبية والثقافية بالدمام الأستاذ أحمد اللويم المشاركين في الأمسية، لتنتهي الأمسية بالتقاط الصور التذكارية مع الشاعرين الرائعين.