وصايا الإمام الصادق (ع)... لبناء الإنسان المتميز

حين تتأمل في تراث أهل البيت ، تجد بين سطوره نبضًا يُعيد للإنسان وعيه، ويقوّم خطواته نحو الخير، ويشحذ عزيمته ليكون نورًا في مجتمعه.

ومن بين تلك الأنوار، تبرز كلمات الإمام الصادق كخريطة تهدي الحائر، وتبني الإنسان الرسالي القادر على حمل همّ الرسالة في زمن الغفلة والتشويش.

في سطور من ذهب، رسم الإمام الصادق ملامح الإنسان الذي يُمثّل فكر أهل البيت قولًا وفعلاً، فكان من وصاياه:

1. كن أنت المنهج... لا مجرد التابع

قال : ”ليس من شيعتنا من قال بلسانه وخالفنا في أعمالنا وآثارنا، ولكن شيعتنا من وافقنا بلسانه وقلبه، واتبع آثارنا وعمل بأعمالنا...“

أن تكون من أتباعهم حقًا، لا يكفي أن تردد أقوالهم، بل يجب أن تتنفس مبادئهم، وتكون أفعالك مرآةً لأخلاقهم.

الانتماء الحقيقي هو اتساق داخلي، وتطابق بين ما يُقال وما يُفعل. فالدين لا يُختصر بشعار، بل يُترجم إلى سلوك حيّ.

2. راقب ذاتك... قبل أن تُحاسب

”يا ابن جندب... ليكن كلّ واحد منكم محاسبًا لنفسه...“

في دعوته إلى التقييم الذاتي، يفتح الإمام بابًا للترقي الروحي، فالمؤمن لا يعيش غافلًا، بل يفتش في أعماقه كل يوم، يزن حسناته، ويستغفر عن عثراته.

هي دعوة لنهج حياة يزرع الوعي في القلب، ويجعل الإنسان أكثر صدقًا مع ذاته.

3. صلاتك... ليست حركة، بل حياة

”إن شفاعتنا لا تنال مستخفًّا بالصلاة.“

في زمن التساهل، يذكّرنا الإمام بأن الصلاة ليست واجبًا يؤديه الجسد، بل واحة يُروى فيها القلب.

من أراد نور الشفاعة، فليحمل قلبه إلى صلاته، لا قدميه فقط.

4. إمّا عالم... أو ساعٍ للعلم

”لست أحب أن أرى الشاب منكم إلا غاديًا في حالين: إما عالِمًا أو متعلِّمًا...“

هكذا وضع الإمام ميزانًا واضحًا: إما أن تُضيء، أو تتعلّم كيف تُضيء.

فالعلم ليس ترفًا، بل هو حبل النجاة في هذا التيه الكبير.

والتقصير في طلبه تفريط، والتفريط ضياع، والضياع باب للندم.

5. تواصل... فإن في اللقاء حياة

”ليعد غنيهم على فقيرهم، ويشهد جنازة ميتهم، ويتلاقوا في بيوتهم...“

الإمام يضع دستورًا إنسانيًا للعلاقات الاجتماعية، فالتواصل ليس فقط خلقًا كريمًا، بل هو حياة لنهجهم، وإحياء لرسالتهم.

إنها دعوة لأن يكون مجتمعنا جسدًا واحدًا، تُنقذ فيه اليد الضعيفة، ويُحتفى فيه بالمحبّة لا بالفرقة.

6. دعوة بلا خطبة... سلوكك هو رسالتك

”كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم...“

ما أعظم هذا النداء...!

أن يتحوّل الإنسان إلى دعوة تمشي بين الناس، لا تحتاج إلى منبر، بل إلى خلق.

فكل تصرّف فيه صدق، وكل ابتسامة فيها طهر، وكل عون فيه نية خالصة... هو منبر صامت، لكنه أقوى من ألف خطبة.

ختامًا

وصايا الإمام الصادق ، ليست دروسًا في الورق، بل نبضًا للحياة.

هي مشروع لبناء الإنسان النموذجي، الذي يحمل في روحه روحًا محمدية، وفي سلوكه خُلقًا علوياً، وفي قلبه نور الصادقين.

فاختر لنفسك موقعك... هل ستكون كما أراد الإمام؟

عالِمًا، واعيًا، نقيًا، وداعيًا للحق، بسلوكك قبل لسانك؟

أخصائي التغذية العلاجية