الفقيد السعيد مـوكــو !
للوهلة الأولى، يتهيأ للقارئ الكريم إن موكو أسم لرحالة مشهور أو مسئول حكومي في إحدى دول أمريكا الجنوبية، لكن في الحقيقة هو دولفين مشهور كان يظهر أمام شواطئ نيوزيلندا السياحية حتى ثلاث سنوات مضت، ونيوزيلندا تقع في العالم الجنوبي الشرقي من أقصى الكرة الأرضية ، أي في الشمال الشرقي لقارة أستراليا، وتجاورها دولتين فقط، هما دولة أستراليا وجزيرة فيجي ذات العرق الهندي، وكان موكو يظهر بين الفينة والأخرى أمام شواطئ تلك الدول، لكن في الأسبوع الماضي، قد هلع سكان شواطئ نيوزيلندا عندما أستيقضوا ليجدوا الدولفين الحبيب موكـو قد قضى نحبه أمام الشاطئ الذي رسم على ضفافه كما على وجوه النيوزلنديين (الابتسامة والضحكة) ، فهلعت قنوات الأخبار المحلية تنشر الخبر ثم تلتها الاسترالية والفيجية والعالمية..وحتى وصلت إلي تلفازي ماقبل ليلة البارحة حيث شاهدت بأمي عيني، وفي قناة عربية مشهورة استعراض الجنازة الكبير، والتي اصطحبتها موسيقى حزينة هزت كيان الموجودين ، وربما أنا معهم !.. والله قد حزت في خاطري تلك المشاهد المؤلمة، فعلاً رحيل موكو قد أدمع العيون، فظهر المئات من النيوزيلنديون لتشيع الفقيد السعيد الى مثواه الأخير.. مشاعر الحزن بادية على وجوه الأطفال و الشباب ، حيث وضع الراحل في تابوت ازرق مزينا بالورود ليمر بكل هدوء في الشارع الرئيسي للمدينة، ووزعت بالونات بشكله ولونه المعروف على ألاف الأطفال والموجودين ،فالدلفين قد عرف شهرة واسعة في نيوزيلندا اذ قام بالعديد من الاستعراضات و الألعاب المائية وأصبح محبوبا من قبل الجميع، فقالت سيدة مشاركة في الجنازة: سبح معنا في الماء و ترك ذكرى جميلة في قلوبنا ، كما قال مشارك آخر : دائما ما اقول عن الدلافين انهم اذكى من البشر و هم محبوبون جداً، وقال التقرير المحلي ، إنه وعلى مدى السنوات الثلاث الأخيرة اصبح مشهد موكو مألوفا في شواطئ نيوزيلندا..اذ يذهب الجميع لمشاهدة ألعابه المائية. فتوقف تفكيري مع الدموع التي كادت أن تسقط من عيون مذيع القناة العربية التي كنت أ شاهدها .. ففي آخر لحظات حزني جاءتني إنتباهة بعد إن دخل أحدهم علي صالة الجلوس وقاطع تفكيري، لقد كفكفت دموعي كي لايراها من حولي .. لا لأجل موكو ! بل من أجل اني لم أشاهد هكذا جنازة مهيبة لممثل كوميدي أو أراجوز عربي يسمى في القاموس ( إنسان ).
روائي وباحث اجتماعي