أزواج بين الأوهام
راودتها الشكوك والظنون, فقادتها وساوس الشيطان إلى ابتكار اختراع جديد في فن الرقابة على شريك حياتها, جرّتها أفكارها الجهنمية إلى تعليق رادار مراقبة بطريقة غريبة ومثيرة للعجب , وهي تنصيب مرآة خلف الكرسي الذي يجلس عليه زوجها حال تصفحه النت, ظنا منها أنها وسيلة ناجعة لمراقبته ومعرفة ما يكتبه.
كثير من الشكوك والظنون السيئة التي تجول و تحوم في قلب بعض الأزواج, ما هي إلا أمراض نفسية وأوهام عارية من الصحة , تنبع من طفولة قاسية تعرض لها أحد الزوجين, فالطفل الذي ينبذ في الأسرة يتوهم أنه لا زال منبوذا أيضا من شريك حياته, فيظهر هذا المرض على طريقة الشك والتنصت والمراقبة, كذلك الطفل الذي عاش في بيئة تفضل طفل على آخر, أو تحب الأولاد وتنبذ البنات تظهر عليه صفة الشك أكثر من غيره الذي يعيش المساواة في التعامل مع إخوانه, فالفتاة التي لم تتعود سماع كلمات الحب والغرام ثم تحصل عليها من زوجها, تخاف أن تفتقدها, أو تأخذ زوجها أخرى وتحرمها منه, فتحاول أن تمتلكه بكل وسيلة ممكنة,فتشعر بالغيرة الشديدة عليه حتى من ارتباطه مع أهله وأولاده!.
لكن أغلب الشكوك المتفشية بين الأزواج غير مرضية بل هي ناتجة من سلوك وتصرفات أحدهم تجاه الآخر فتثار بسببها الأفكار الشيطانية, وتظهر فيها عدم الثقة ببعضهما البعض, فعندما تتعرف الزوجة على العلاقات العاطفية القديمة عند زوجها,ثم في المقابل تلاحظ عليه التصرفات والحركات الغريبة التي لم تتعود عليها كالسهر خارج المنزل,أو تكرار الحديث حول رغبته الاقتران بزوجة أخرى, أو تراه منزوٍ في زاوية بعيدة عن الأنظار يتحدث بالجوال بهمس وعند الاقتراب منه ينهي حديثه, أو يختار منتصف الليل وقتا للحديث في المسنجر, كل هذه الأمور تكون كفيلة في إثارة شك الزوجة تجاه زوجها.
أما الرجل فتثير شكه الزوجة القوية ذات الشخصية المتسلطة التي تتوقع كلما سيطرت على زوجها كلما امتلكته, وبالتالي لا يستطيع الفرار من سلطتها,مقابل ذلك لا تبدل له العناية والاهتمام والاحترام أمام الآخرين, بينما تظهر ذلك لزملائها في العمل ـ ليس بالضرورة أن تكون معهم في علاقة غير شرعيةـ أو حينما تكثر المديح والإطراء بزميل العمل وتشيد بشخصيته أو هندامه,أو يجدها تعتني بنفسها وبزينتها وتفوح روائح عطرها عند الخروج من المنزل بالذات حينما تعمل في دائرة مع الجنس الآخر, يثير في الرجل الغيرة ومن ثم يصل به ذلك لحالة الشك.
هذه الشكوك تكون على أشكال منها: تفتيش المتعلقات الشخصية, و التنصت على المكالمات التلفونية, و مراقبة تحركات الشخص, وقد تظهر على هيئة أسئلة تحقيقيه أين ذهبت؟ ومع من سهرت؟ ومن زرت؟.
وقد يستخدم الزوجين الأطفال كوسيلة للتجسس والاستجواب لمعرفة سلوك الآخر, ويمكن أن يستعمل الشكاكون أسلوب المباغتة في الرقابة, فتقترب الزوجة من زوجها بطريقة مفاجئة من أجل رؤية ما يتصفح فيه, أو ينظر الزوج إلى أيميل زوجته ليرى ما يصلها من رسائل.
من طريف ما ينقل أن زوجة وضعت جهاز تنصت في القلم الذي أهدته زوجها, وبعد عدة أيام من وضع الجهاز لم تر القلم سألته عنه: أخبرها إن القلم أهداه لصديقه!!
إن المودة والرحمة هي أركان أساسية ذكرها القرآن الكريم لبناء صرح الأسرة, والعيش بسعادة وهناء, أما الغيرة والشك وعدم الثقة بمثابة السم الذي ينخرالبناء الأسري, فليتجه الأزواج إلى تقوى الله في علاقتهم مع بعضهم ,وإلى تصفية نفوسهم وغربلتها من رواسب الماضي, والتفكير في كيفية صنع السعادة الأبدية لترفرف وتضيء حياتهم