الحاجة إلى تأسيس جمعية لحماية البيئة
يتسائل المفكر عبد الكريم سروش عن حقيقة التقدمية و هل بالفعل نحن متقدمون كبشر أم نحن في تراجع كلما تقدمنا قرنا تراجعنا به قرونا أخلاقيا و اجتماعيا.
المخلفات البشرية التي تفرزها الثورة الصناعية بملايين الأطنان يوميا جزء منها يرمى في البحر و الآخر يدفن تحت الأرض ناهيك عن الأدخنة و الغازات التي تلوث الجو و تؤثر على المناخ، بالإضافة إلى أن احتياجات الإنسان اليومية أصبحت تستهلك الموارد الطبيعية للكرة الأرضية من أشجار وغابات دون أن ننسى الحيوانات التي تقتل من أجل غذاءه.
ملايين الكيلومترات من الغابات و المساحات الخضراء تمت تدميرها من أجل رفاهية الإنسان و تحولت إلى مكعبات اسمنتية و مصانع تلوث البيئة و لم تقتصر أيدينا المدمرة على اليابسة بل امتدت إلى البحار عن طريق الدفن و صب المواد الكيماوية فيه. حتى غذائنا أصبح ملوثا نظرا لما تحمله التربة و الهواء و الماء من مواد كيماوية و صلت أيضا إلى الحيوان الذي هو غذائنا.
لم يكن أحد منا يدرك خطورة ما نفعله منذ سنين و إلى الآن الكثير منا غير واع لما تسببه هذه الأفعال من ضرر و من أخطار قد تهدد مستقبل البشرية، و آخرون يدركون خطورة هذه الأفعال و لكنهم يقدمون مصالحهم المادية على مصلحة البشر ناسين إن الثمن إن لم يدفعوه هم فسيدفعه أبناءهم و أحفادهم من بعدهم، و مالأمراض السرطانية و التنفسية و أمراض الجهاز الهضمي و المناعي و التغيرات الجينية إلا نتيجة طبيعية لعبثنا في الطبيعة التي خلقها الله. إنه غضب الطبيعة، تلك الأم التي عققناها و شوهناها بطغياننا.
عندما نقرأ الكتب السماوية و تراث الأنبياء و الأئمة و المصلحين نمر مرور الكرام على النصوص التي تحثنا على الإهتمام بالزرع و الماء و إعمار الارض و تلك التي تحرم قطع الشجر و كأن الشرائع السماوية وضعتها عبثا.
في الخليج العربي بدأت الأمور تسوء منذ ظهور النفط وبداية مرحلة الطفرة و النمو العمراني و استمرت مرورا بحرب الخليج الأولى و الثانية و الثالثة دون أن نغفل دفن البحار و القضاء على الغابات البحرية و مبايض الأسماك و تحويلها إلى أراض سكنية حتى تم تدمير أكثر من تسعين بالمائة من الغابات البحرية على شواطئ الخليج العربي، و الأمر نفسه مع المزارع و النخيل التي بدأت في الإنحسار و تحولت إلى مخططات سكنية و تجارية.
لذا نرى إنه من الضروري العمل على تأسيس جمعية فاعلة للدفاع عن البيئة و الضغط على الجهات ذات العلاقة لإيقاف التعديات المستمرة على البيئة و العمل على نشر الوعي البيئي قبل أن نندم حين لا ينفع الندم، و يجب على جميع نشطاء البيئة أن ينسقوا الجهود لتحقيق ذلك. فمستقبل أبنائنا بأيدينا، منذ العام 2007م و الآثار السلبية بدأت تتضح أكثر فعدد من أهم الأسماك المعروفة بالمنطقة بدأت أعدادها بالتناقص و توشك على الانقراض كالهامور و الروبيان الذي تناقصت أعداده بشكل مخيف و كذلك الأمر بالنسبة إلى المنتجات الزراعية كالتمور، كما أن المؤشرات تشير إلى تزايد عدد حالات السرطان بالمنطقة بشكل خرافي مما يدفعنا إلى دق نواقيس الخطر قبل فوات الأوان.