قيمة الإنسان
لكل شيء في الحياة قيمة إما معنوية أو مادية، فقيمة الأشجار بثمارها، وقيمة البحار بما تجلب من أسماك وحلي وطبيعة، وقيمة وجود الأجهزة الالكترونية بما تقدمه من خدمة للإنسان كالحاسب الآلي وجهاز التكييف وغيرها من الأجهزة.
وهنا يأتي السؤال المهم: ما هي قيمة الإنسان في هذه الحياة؟
لقد خلق الإنسان في هذه الدنيا لكي يكون خليفة الله في ارضه ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ البقرة30
فمن المفترض أن يكون للإنسان دور في هذه الحياة لان الله وصفه بانه خليفة في إعمار الأرض ومنها إشاعة الحالة الايجابية بين المجتمعات إذاً فإن قيمة الإنسان بما يعطي من بذل وجهد في سبيل الشأن العام من وقته وماله وفكره.
فلو أن كل فرد من أفراد المجتمع خصّص جزءًا من حياته في خدمة المجتمع من خلال الجمعيات الخيرية أو صناديق الزواج أو كفالة الأيتام لكان المجتمع كله بخير، حيث إن عطاء الإنسان من وقته أو ماله يثري الحالة الاجتماعية بالفكرة أو المال الذي يرفع من شأنه في الحياة، وله الأجر والثواب في الآخرة، كلٌ حسب مقدرته وتخصصه، فالعالِم يعطي ما لديه من معرفة وعلم من خلال التدريس واللقاءات والمحاضرات التي من شأنها أن ترفع المجتمع من حالة التخلف إلى التقدم والرقي.
كما أن أصحاب رؤوس الأموال، لو أن كل واحد منهم خصّص جزءُا من ماله لخدمة الشأن العام، وأصحاب الوجاهة قد خصّصوا وجاهتهم، وأصحاب الرأي وظّفوا أقلامهم وفكرهم للخدمة العامة، لكان الأمر مختلفاً،
وقد عبّر عن هذا العطاء في النصوص الشرعية بالزكاة أي الطهارة.
جاء في لسان العرب لابن منظور: «أصل الزكاة في اللغة: الطهارة والنمو والبركة»، وفي الحديث الشريف عن الإمام علي، عليه السلام: «لكل شيء زكاة» فزكاة العلم تعليمه، والصدقة والخمس زكاة المال، كما أن هذه النعم مسخرة للإنسان وقد كرمه الله بها حيث يقول الله تعالى في سورة الإسراء: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾.
وعلى العكس من ذلك إذا سادت حالة الأنانية في المجتمع حيث يبقى الوضع كما هو، ولن يتقدم قيد أنملة، فالعالِم يبقى طوال حياته يتعلم، وصاحب المال يتكسب، وأصحاب الوجاهة خصّصوها لجلب المصالح الخاصة ولا يهمهم ما يحصل في المجتمع من تخلف وفقر وحاجة.
إن هؤلاء لا قيمة لهم في هذه الدنيا، بسبب حالة الأنانية؛ لأن قيمة الإنسان بما يعطي لا بما يأخذ، كما ينتج عن هذه الحالة تخلف افراد المجتمع، وتسود الانقسامات فيما بينهم، وتنتشر العداوة والبغضاء والحسد والاستبداد بالرأي وغيرها من الأمراض النفسية، فبالعطاء وترك حالة الأنا ترتقي المجتمعات إلى أحسن حال مما كانت عليه.