لماذا إحياء ذكرى السيد الشيرازي مثالا ؟
تساءلت في نفسي لماذا نحيي ذكرى العلماء العظام كالسيد الخميني والسيد الشيرازي أو الشهيد الصدر أو السيد محسن الحكيم أو على مستوى الشيخ علي المرهون أو الشيخ فرج العمران أو الشيخ عبد اللطيف الشبيب (قدس الله أرواحهم الطاهرة) مثالا في كل عام ؟
هل من باب نحن هنا ( خليهم يعرفوا مين مرجعنا)!هل من باب الترف والفراغ(ما عدنا برنامج هالأيام خلونا إنسوي ذكرى لمرجعنا) ؟هل من باب عناد لمن لا يحيون أي ذكر لأي من العلماء لا من يقلدوه ولا من لا يقلدوه , مات مين إلِّي بعده؟!
هو أن الإحياء لابد أن ينبع عن احترام قيمة العلماء وتنبيه الناس إلى ضرورة الالتفاف حول مجالسهم وعلومهم وإرشاداتهم – قدس الله أسرارهم- وأظن أن حالة تعظيم وإحياء ذكرى العلماء قد حث عليها النبي ص وآله العظام ع منذ عهد الإسلام الأول إلى عصر الغيبة الكبرى.بطرق مختلفة أصوغها كالتالي:
1- تلقيبهم وتتويجهم اللفظي : الأصحاب – الحواريون- الخلص- شيعة الإمام- النواب الأربعة- - الشيخ – المجتهد-............وحتى زمننا الحاضر حيث أستجدت ألقاب :لقب آية الله -العظمى- المرجع- المولى- المقدس- العلامة...
2- التبجيل العلمي :من خلال حث الشيعة لأخذ الأحكام منهم كما في زمن الإمام الصادق وتلامذته المتواجدين في الأقطار الإسلامية.حيث قال ع في زرارة بن أعين الشيباني (إذا أردت بحديثنا فعليك بهذا الجالس)!!
3- الحث على زيارتهم : كما فعل أمير المؤمنين في تولي دفن سلمان المحمدي في المدائن.وزيارة أبي الصلت الهروي تلميذ الإمام الرضا ع , وقد ذكر الشيخ القمي في كتابه الثمين (مفاتيح الجنان) زيارة الإمام الحجة - عجل الله فرجه - للنواب الأربعة منه:(وهي لو كانت منتشرة في أقاصي البلاد لكان يحق أن تُشد إليها الرِّحال ...)
*وقد حث الشيخ أيضا على زيارة الشيخ الكليني بقوله(وينبغي أيضا أن يُزار في بغداد الشيخ الأجل ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني ...)
هو تخصيص يوم أو مدة من الزمن في مكان معين ؛تبجيلا ووفاءً لأحد علماء المذهب الحق وعرض شيء من سيرته ومؤلفاته وإنجازاته ,أو قراءة مجلس حسيني أو ختمه قرآنية شريفة أو أي عمل يهدى ثوابه له. ومن أشكال الإحياء:
* الأوقاف :قد تتعدد كيفية إحياء ذكرى العلماء بوقف المساجد أو الحسينيات أو دور الطبع أو المراكز العلمية أو المؤسسات بأسمائهم تخليدا لهم – قدس الله أرواحهم- مثالا على ذلك مسجد السيد الخوئي في القطيف.
* كتب التراجم :من أشكال الإحياء تأليف كتب تراجم حياة العلماء وحفظ مصنفاتهم وتراثهم.
* بناء قبورهم:وقد ذكر الفقهاء أن البناء على القبر وتشييده مكروه إلا .... وقبور العلماء .
* دراسة العلوم الدينية عبر كتبهم القيمة مثل كتاب الشيخ المظفر رحمه الله (عقائد الإمامية)
أولاً: إن المرجع مهما آتاه الله من منزلة فلن يدرك منزلة الإمام وحتى في نفوس مقلديه.
ثانياً:ذكرى الإمام يحيها كل المجتمع الشيعي ,أما المرجع فعلى نطاق مقلديه فقط.
ثالثاً:مدة إحياء الذكرى للمرجع لن تستمر عبر الزمن مثل ذكرى الإمام المعصوم.
رابعاً:لا نصير ضيقي الأفق ,فإحياء ذكرى العلماء العظام هو إحياء لذكر المعصومين ع لأنهم هم حلقة الوصل بين الإمام وجمهور شيعته.أفتُرانا نمنع ذكر أسماء وقصص العلماء على المنابر كالشيخ المفيد والشريف المرتضى والشيخ الطوسي وبعد 50 1سنة نمنع ذكر السيد السيستاني والشيخ بهجت والسيد محمد رضا الشيرازي ووو!!!!
خامساً: إحياء ذكرى أي مرجع في حقيقته هو إحياء لذكرى كل العلماء الربانين.
أحد المؤمنين حضر ذكرى السيد الشيرازي رحمه الله وسمع أحد المشايخ يقول هذه العبارة فاعترض وشجب واستنكر !!!وهنا أمران مهمان :
1- أن من البلاغة أن أي شخص سيتكلم عن شخصيةٍ ما,أنْ يصفها بكلمات التعظيم دون قصد تهميش العلماء الباقين مثل إذا قال أحدنا :أنا ماشفت مثل السيد الفالي في الخطابة , فهل في هذا مسبة للشيخ الولئلي ؟!!!, إلا إذا كان السامع يحمل الكلام بما يتناسب و أفكاره واتهاماته ,أو لبعده عن شخصية السيد وهذا هو الأقرب .
2- أن العلماء مثلهم كمثل الطلاب المميزين لكن لكل واحد شيء يتميز به , فهناك الفقيه السياسي- والفقيه الزاهد- والفقيه العارف- والفقيه العالم الباحث.ولذا ليس من الصواب أن نصف ما تميز به الزاهد بصفات السياسي...
3- أوجه من يعترض على حالة التعظيم اللفظي والأدبي أن يقرأ كتاب الشيخ محمد رضا الحكيمي * تاريخ العلماء عبر العصور المختلفة*ليتعود على هذا الأسلوب من فم وقلم العلماء السابقين قدس الله أرواحهم الزكية.
قدس: أي عظَّم.
سره: السر هي الروح التي لا يعلم ماهيتها إلا الله والراسخون في العلم ,ولذا أحيانا نقول : قدس الله روحه .وقيل أن السر هو العلم الذي مات معه ولم يعطه لأحد فهو بمثابة السر .
وقبل أن معنى العبارة هو: أسأل الله أن يزيد رفعة ومقام روح هذا العالم في جنانه .
والله من وراء القصد والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله الأنوار.