علموهم ثقافة الجنس !
سيقول البعض إني تخطيت الخطوط الحمراء ! فالعنوان جرئ وغريب بالنسبة لهرجنا وحديثنا، وأطول من جدار عاداتنا وتقاليدنا ! لكن هي الحقيقة ولا غير الحقيقة ، إنه خير لابُـد منه ( بضم الباء ) لنتـقي شر نـلبد ( نهـرب ) منه ، حيث الكل وليس ( البعض ) يعلم ما أرمي إليه ، والخطاب هنا موجه بالدرجة الأولى إلي الآباء والأمهات ، وإلي كل مسئول ( يتخذ القرار ) في وزارة التربية والتعليم والمؤسسات التربوية ، لعرضه في الأجندة القادمة لدراسته وتطبيقه في السنوات المقبلة .
روي عن أستاذ المعلمين وسيد المرسلين ، المعلم الكامل والأكمل لتعاليم مكارم الأخلاق الإنسانية صلى الله عليه وآله وصحبه الكرام : ( علموا أولادكم الرماية والسباحة وركـوب الخيل ) ، وروي عنه كذلك ( علموا أولادكم الكتابة والرماية ) .. الخطاب هنا عالمي ولكل أباء وأمهات ومعلمي العالم ! لأن رسالته عالمية ، فالرسول موجه من الله ( وكذلك باقي الأنبياء عليهم السلام ) ، وهو أعلم بحاجات بني البشر( أخلاقيا ً ) ، وفي كل زمان ومكان ، وفي اعتقادي الشخصي : إن التعبير هنا أتى بصيغة ( المجاز العام ) وإن كان ظاهر الحديث تعليم الأبناء المهارات الجسدية ! فأهل العقل ( كما يخاطبهم القرآن الكريم ) يعقلون إن التوجيه هنا يعني تعليم داخل الإنسان قبل خارجه ، أي العـقل قبل الجسد ، فلغة الجسد زائلة وفانية ولغة العـقل سائدة وباقية .. فلو أتقنا واحترفنا التفكير والتدبير ، لوجدنا إن كثير من تضاريس وظروف مسلمي العالم لا تتوافق ومهارات التعليم في الحديث المذكور ...فالعاقل يقول إن المقصود بالتدريب والتعليم هنا ( التحصين والحصانة ) لأبنائنا من الآفات والشرور المحيطة بهم ، ولمنعهم من الخطى في طرق الشبهات قبل الوقوع في عين الخطيئة ، وذلك بتعليمهم وتدريبهم منذ نعومة أظفارهم بثقافة المصارحة والشفافية المعروفة بقانون : ( هذا صـح وهذا خـطأ ) . فالتعليم عموماً وضع للتنوير والتحصين العقلي ( للإنسان مع نفسه ومع غيره ) ، لتحاشي الخطيئة من داخل النفس ومن خارجها، ولنعترف إن ( ثقافة الجنس ) إحدى ثقافات عصرنا هذا ، إذ أصبحنا محاصرين بوسائل إعلامية وعلمية ، تتخذ من لغة الجنس ( قنوات تسويق ) لبضائعها ، ومعظمها يبطن الشر لاستهداف أمة أو جيل معين !
أعزائي ، أينما ذهبت أبصارنا نرى الضرب على وتر الجنس أمامنا ، فزماننا هذا خطير بحيث لن تكفي تكرار كلمة ( جداً ) ، حتى ألعاب الأطفال ( بلي ستيشن ) لم تسلم من جوائز ( الجنس ) ، وفي الأفلام الكرتونية ( جنس ) ، وبأفلام الثقافة ( جنس ) ، وبلغة المرح بين الأصدقاء وطلاب المدارس ( جنس ) ، وصور المجلات والوسائل التعليمية ( جنس ) وفي صفحات الشبكة العنكبوتية ( جنس ) .. المريب والغريب الذي جعلني أحك رأسي بقوة ، عندما رأيت بأمي عينيّ في أعلى صفحة بريد الهوت ميل الرئيسية msn ( صورة إباحية مثيرة ) على هيئة رسم كرتوني تحدد كيف تكون العلاقة بين الشاب والفتاة ! وماخفي كان أعظم ، حتى ظهرت المصائب تلو الأخرى وانتشرت في مجتمعنا ظاهرة زنى المحارم والتحرش بين الأقارب والأصدقاء !
إذاً ما العمل سادتي العقلاء ؟
هل نترك الحبل على الغارب ، وليذهب الكل على مصراعيه ؟ هل ننتظر وقوع الفأس على الرأس ؟
إخوتي ! نحن لا نقول أخرجوا الأبناء من دهاليز الإنترنت وامنعوا عنهم التلفاز وموبايل الأفلام ؟ .. نحن فقط سنعمل عملية استبدال ( Switching ) ، فبدلاً أن نترك أبنائنا تحت تربية الشارع ووسائل الإعلام ، ستتعاون المدرسة يداً بيد مع البيت لأخذ الدور .
نحن الأن أمام مـد جارف من الثقافات المختلفة والخطيرة ، وبعدة لغات ( 1000 قناة تلفزيونية عالمية ) تكتسح كل من يقف أمامها والرقم في ازدياد ! واليوم نحن في أمس الحاجة إلي سلاح مضاد لتلك الهجمات العشواء ، وأعتقد الكثير يتفق معي ، إن تعليم الحصول على شئ أفضل من الحصول عليه ، وكما قيل في الصين : ( لا تدافع عني ، بل دربني ) وأهم سلاح نواجه به تلك الثقافات ، هي بتــثـقيـف أبنائنا وتسليحهم بنفس الثقافة ! لكن الخطأ الذي وقعنا فيه ، أننا تركنا أبنائنا تلاميذ تحت تلك الوسائل والأجهزة ( تعلمهم ليل نهار ) ، وفي الأخير نحن نحصد العار والدمار ! ، ومن باب أولى أن نكـون نحن المعلمين لتلك الثقافة ! أولاً عن طريق التعليم التربوي ، وثانيا ً أن يكون مدعـوماً بشرح ومراقبة من لدن أولياء الأمور ، وأن يكون التثـقيف بأساليب سليمة مدروسة وتناسب كل عمر ، ومحاطة بقواعد أخلاقية إنسانية صرفة .. تعال هنا يا أبني ، وأجلسي يا فتاتي ، أسمعوا وعقولكم أفتحوا : غريزة الجنس وضعتها السماء ، و قد قال ( ص ) : ( تناكحوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمم ) وهي علاقة لحفظ النوع الإنساني برباط المودة والرحمة بين الزوجين ، والقصد منها لتستمر سلالة الإنسان خليفة الله في الأرض ، كما هي الحال مع سائر الحيوانات ، ولكن نحن (البشر) لدينا ( عقل ) يفرقنا عن الحيوانات ، لذا يجب أن تكون تلك الغريزة والعلاقة مقننة في أطـر تحمينا وتحمي أجيالنا، أو لأصبحنا مثلهم ( أي الحيوانات ) ، فكل دين يشترط أن تكون العلاقة ( حـلال ) و يحرم ويمنع اختلاط الأنساب ، لأن ( آدم خلق كي يعيش مع حواء بقانون وعلاقة تحددها الشرائع ) ، وإن لمس حواء جنسياً ( حرام ) إلا مع الشريكة ( الزوجة ) حسب كل معتقد ، ولتعلم ( بني و ابنتي ) إن العملية الجنسية مباحة لهذه الشراكة دون غيرها ، ومحرمة مع باقي الناس ، حتى وأن كانا أقرب الناس لكما في البيت أو خارجه، والشريكان هما ( رجل يسمى زوج ) و( أنثى تسمى زوجة ) ، ويمثلان قطبي الأسرة الرئيسيين ، ويتفقان ويوقعان قبل اللقاء الجنسي على رباط مقدس يحمل مواثيق أخلاقية وتربوية لتحفظ لكل منهما حقه ، ومن هذه الزيجة يتكون كل مجتمع ، وحتى وأن اختلفت تلك الأديان والمذاهب بصيغة الميثاق الزوجي بين الرجل والمرأة ، ولا تنسوا يا أبنائي ، إن كل من يخالف هذا الميثاق يصبح خارجاً على القانون والشارع المقدس ، وسيقع عليه حكم الله في الأرض والسماء .