التعددية والاعتراف علاج للفتن والخلاف
لكل داء دواء، ألا يوجد يا عقلاء المسلمين دواء للفتن والخلاف والاختلاف المذهبي والفكري؟. الفائدة من طرح التساؤلات تحريك الذهن للتفكير والتأمل في الأحداث للوصول إلى الحقيقة، وبالذات في الفتن والخلافات التي تشكل خطرا على الجميع، واني أدعو الجميع للتفكير وعدم مصادرة حق التعبير والرأي المختلف مهما كان، إذ يجب علينا الإيمان بحرية الرأي والرأي الآخر، ومن هذا الباب اطرح التساؤلات التالية:
لماذا يحاول بعض المتشددين والمتطرفين والتكفيريين في هذه المرحلة الزمنية والحساسة في تاريخ الأمة إثارة الخلافات والنعرات الطائفية، وفرض رأي واحد والقضاء على التعددية في الأمة المشتتة؟ ولماذا يتم تهديد وتخوين المخالف في الرأي والمذهب؟ وهل صحيح ان مجرد النقاش حول الأمور الخلافية المسكوت عنها هي إثارة للفتنة وتزيد من فجوة الخلافات في الأمة؟ أليس الخلاف موجود منذ مئات السنين ومن حق كل طائفة التعبير عن رأيها؟ إلى متى يبقى السكوت عما في التاريخ؟ وهل ما يحدث حاليا في الأمة من فتن وإساءات ومحاولات لإسقاط الآخر يرضي رسول الله ؟.
إن الدين الإسلامي واضح وبين، والمسلمون متفقون على الشهادتين، والكتاب، والقبلة، وكذلك الصلاة والصوم والزكاة والحج وغيرها إذ كل مسلم يؤديها بطريقته، وحتما هناك خلافات وأهمها الإمامة والخلافة بعد الرسول، وقد اتفق وامن المسلمون على الخلاف والاختلاف بوجود شيعة وسنة وغيرهما منذ وفاة الحبيب محمد وعاشوا وتعايشوا تحت راية الإسلام ومحبة الأوطان، فالاختلاف والتعددية أمر طبيعي في كل امة نتيجة العديد من العوامل.
ولكن من المؤسف أن يتراجع مستوى الإيمان بالاختلاف والتعددية الفكرية والدينية إلى هذا المستوى الذي نراه حاليا، رغم أن العالم أصبح كالقرية بفضل طفرة تقنية الاتصال ومنها الانترنت والفضائيات، وأصبح الوصول إلى المعلومة الصحيحة والتعبير عن الرأي الحر متاحا، وكان من المفترض أن تساهم هذه التقنية في رفع مستوى الوعي والثقافة وتقريب الفكر والتعرف على حقيقة الآخر من مصادره بدون تدخل أو وسيط، والانشغال بالمطالبة بالديمقراطية والحقوق الوطنية واحترام حقوق الإنسان، والرأي والرأي الآخر، واحترام التعددية الدينية والمذهبية والفكرية، لبناء دول حضارية قانونية تحكم من خلال دستور واضح يعبر عن إرادة الشعب في ظل العدالة والمساواة.
ينبغي على جميع المسلمين من كافة المذاهب عدم التعاطي مع الفتنة، والعمل على وأدها وقطع الطريق على من يعمل لإشعالها، بالوعي ورفض العنف والإكراه، والاعتراف بالتعددية الدينية والسياسية والاختلاف كواقع، واحترام معتقد وفكر ورأي الآخر، إذ لكل طائفة إسلامية - شيعية وسنية - أو مسيحية أو بوذية أو هندوسية خصوصية اتفق أو اختلفت المرء معها، وليس من حق أي طرف فرض معتقده وفكره على الآخر أو منعه من التعبير عن معتقده بمبرر عدم الإثارة والاختلاف(على ألا يكون التعبير فيه إساءة أو اعتداء على خصوصية الآخرين)، فالاختلاف سنة في الكون، قال تعالى: ﴿لا أكراه في الدين﴾ وقال:﴿ولكم دينكم ولي دين﴾. دواء الفتن والخلاف بـ لا للعنف والإكراه.. نعم للتعددية والتسامح.