الأم هل يمكن أن تكون أخصائية نفسية ؟؟
لفت نظري توافد الطالبات على غرفة الأخصائية النفسية وجلوسهن عندها أوقات ليست بالقصيرة بل أن الأمر وصل بهم للانتظار وكأنهم في طابور لأحد العيادات الخاصة .
عندما سألتها عن سبب هذا المجيء والبقاء الطويل كان جوابها أن كل واحدة تأتي لكي تتحدث عن مشاكلها أيا كان نوع هذه المشاكل فمنها المشاكل الكبيرة جدا والحساسة ومنها مشاكل صغيرة سطحية .
وتواصل في حديثها أنهن في حاجة إلى من يسمع أحاديثهن أيا كانت (شكاوى – مشاكل – اضطرابات نفسية) فقط هن في أمس الحاجة للحديث ودورها يكمن في توجيه النصح والإرشاد والمحاولة بقدر ما تستطيع لإيجاد حلول لما يعانين منه .
سألتها لم لا تلجأ هذه الطالبة أو تلك إلى أمها لكي تحكي لها عن ما يؤرق حياتها من مشاكل أو هموم ، أليست الأم أقرب إلى الفتاة من أي شخص آخر ؟! ألا يمكن للأم أن تتقمص دور الأخصائية النفسية في المنزل وتكون قريبة جدا لأبنائها ( ذكورا وإناث ) ؟ كان ردها أن معظم الفتيات يتجنبن اللجوء للأم و السبب في ذلك هو الخوف من ردة فعل الأم.
مجرد لجوء الفتاة إلى شخصية عرفت بالحب والحنان وحسن الإنصات لكي تبث لها ما يجول في خاطرها هو دلالة واضحة على أن هذه الفتاة لديها إستعداد للبوح والاستماع للنصح والإرشاد . ولكنها فقط لم تجد من يستمع لها ويحادثها بنفس أسلوب تلك الأخصائية النفسية .
إن دور الأخصائية ليس صعبا ولا يحتاج إلى دراسة أكاديمية فقط يحتاج إلى حكمة وفهم دقيق للحياة وكيفية تجاوز المشاكل وسعة صدر للإستماع وصبر وتحكم بردود الفعل في حال كانت المشكلة أو الخطأ نقطة الحوار فادحة .
في وجهة نظري أن قيام الأم بدورها في الإرشاد النفسي تجاه أبنائها سيؤدي إلى المساهمة بشكل فعال في القضاء على مشاكل المجتمع التي يكون أساسها منبعث من أفراد يعانون مشاكل نفسية واجتماعية وفراغ عاطفي داخل أسرهم .
حان الوقت لكسر الحواجز النفسية التي تفصل بين الأم وأبنائها لكي تكون أقرب لهم ولقلوبهم وبالتالي تستطيع أن تحتوي أبنائها بكل ما تملكه من عاطفة الأمومة وحكمة وصبر ، عندما يحدث ذلك لن يلجأ الأبناء إلى أحد آخر خارج أسوار المنزل . وبهذا نضمن عدم لجوء الأبناء لرفاق السوء والآثار المترتبة على ذلك .
فعلى كل أم أن تعيد النظر في علاقتها بالأبناء وأن لا تكتفي بأداء الواجبات اليومية المعتادة بل عليها أن تقترب أكثر وأكثر منهم حتى تندمج روحها بأرواحهم وتكون قريبة منهم روحا وجسدا .