الحج موسم الجشعين
لا غرابة في أن يتحول الحج من فريضة دينية مقدسة يتنافس فيها الناس لخدمة ضيوف الله إلى المتاجرة بهم، تجارة تقوم على جني طائل الأموال بطرق غير مشروعة ولا مقر بها شرعاً ولا قانوناً. إذ أصبح الموسم انتهازاً من قبل شركات حجاج الداخل والمخولين بمراقبة دخول الحجاج نظامياً بتصاريح رسمية وفق ضوابط معينة.
فقامت الشركات بالتنافس المذموم فيما بينها برفع أسعار مخيمات منى ليتراوح السعر بين 27000 إلى 32000 للمخيم الواحد المخصص لإيواء عشرة حجاج فقط بشكل نظامي، وقيام عدد من الشركات بفرض المبيت الواحد في حالة هي الأغرب من التآلف القائم على الجشع بين الشركات ما يعني اضطرار حملات الحج لرفع أسعار الرحلات لديها مستقبلاً لتغطية تكاليف استئجار أكبر عدد من المخيمات لتعويض غياب فرصة تقسيم الحجاج على مبيتين كما كان في السابق.
مضافاً إلى ذلك فرض دفع تكلفة استخدام قطار المشاعر على المستأجرين في المخيمات التي تشملها حركة القطار بقيمة 250 ريال للحاج الواحد سواءً استخدم القطار أم لم يستخدمه.
ولم تقتصر المتاجرة بخدمة الحجيج على الشركات المصرحة لخدمة حجاج الداخل فحسب، بل قام السماسرة من عامة المواطنين والموظفين بالعمل اللا نظامي على إيجاد البدائل لإدخال الحجاج مكة المكرمة والتجاوز بهم جميع نقاط التفتيش في حال عدم وجود تصريح رسمي لسبب أو آخر وأخذ آلاف الريالات لإدخالهم.
فإذا كان المؤتمن على رعاية الحجاج وتقديم أيسر الخدمات وأفضلها لهم بهذه الصورة الانتهازية، فلا غرابة من بقية المنتفعين بالموسم كسائقي سيارات الأجرة و أصحاب السيارات الخاصة في رفع قيمة التنقل داخل أرجاء مكة من 15 ريال في الأيام الأولى من ذي الحجة إلى أكثر من 100 ريال كلما قربت أيام الحج من ذروتها!
فأين الرقابة على الشركات وأصحاب العقارات المصرحة رسمياً لإسكان الحجاج الذين يتفاوت التأجير لديهم من عام لآخر ويرتفع سعر بعشرات الآلاف أو حتى ما يزيد على مائة ألف ريال؟!
إن ما يحدث من تعقيدات إدارية وارتفاع باهظ في الأسعار ودخول الانتهازيين على الخط سيزيد من مخاوف تراجع الأفواج الكبيرة الزاحفة سنوياً لحج بيت الله الحرام بسبب عدم تحقق شرط الاستطاعة، وبالتالي اشتراك الجميع في حرمان الشرائح الفقيرة ومحدودي الدخل من أداء فرض الله.