عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ.....
هذه الايام يحتفل المسلمون في العالم اجمع بعيد الاضحى المبارك ، هذا العيد الذي يعتبر مناسبة سعيدة على قلوب المسلمين ومع مرور الوقت تبقى الميزه الابرز لهذا العيد عاداته وتقاليده الجميله التي اصبحت سمة له منها نسيان الخصومه والتراحم الانساني حيث ترتسم البسمه على الوجوه وبسعادة غامره لسان الحال يقول " كل عام وانتم بخير " .
الاطفال ينتظرون العيد في لهفة وشوق ويقترن العيد في نفوسهم باللباس الجديد وفي ذكرياتهم بالزيارات الترفيهيه والحصول على الالعاب بينما تبقى العيديه اهم الاشياء التي يحرص الاطفال على التباهي بها قليلة او كثيره ،، اما الكبار فانهم ينظرون للعيد نظره مختلفه فهو وسيله للتواصل والتراحم خاصة في زحمة الحياه التي نستقطع من ايامها وقتا في العيد للقيام بواجب يمليه علينا الدين والاخلاق محاولين ادخال البهجة على قلوب الفقراء والمحتاجين في مناسبة من شأنها ترك لمسة فرح على النفس الفاقده لذلك لاسباب عده . لقد تغيير الزمن وتبدلت العادات والتقاليد كثيرا حتى بعضا منها اندثر بحجة التطور والتقدم ، الا ان العيد تحديدا يحاول ان يضع في حاضرنا بصمات الماضي الذي لا يحلو الا به وان حاولنا ان نفّصل زيا آخر للعيد بالجديد الذي لا يحمل في احيان كثيره الهويه نفسها والروح ذاتها .
عساكم من عواده وتقبل الله طاعتكم ،، هذه بعضا من التهنئات التي يرددها المهنئون يوم العيد وبالرغم من تشابه عادات المسلمين في البلدان العربيه إلا أن لدى بعض الشعوب والدول عادات تختص بها دون غيرها. وإن كانت صلاة العيد وزيارات الأقارب وصلة الرحم واحدة في الدول الإسلامية لأنها صادرة من التشريعات الدينية، إلا أن لكل دولة طريقة مختلفة - بعض الشيء - في ممارسة هذه العادات والتقاليد ، ففي الخليج عموما تبدأ مظاهر العيد قبل العيد نفسه، حيث تبدأ الأسرة بشراء حاجياتها من ألبسة وأطعمة وغيرها، ويتم الإعداد للحلويات الخاصة بالعيد ومع أول ساعة من صباح العيد، يتجمع الناس لصلاة العيد التي تجمع الناس في أحيائهم الخاصة، حيث يقوم الناس بعد أداء الصلاة بتهنئة بعضهم البعض في المسجد، وتقديم التهاني ليذهب الناس بعد ذلك إلى منازلهم استعداداً للزيارات العائلية واستقبال الضيوف من الأهل والأقارب ،، ولعل الحناء التي تتزين بها ايدي النساء والفتيات احدى مظاهر الفرح والبهجه التي تترافق مع العيد بل ومع جميع المناسبات السعيده في دول الخليج
والأعياد لدى الشعوب أيام لها ذكرى ولها مكانة خاصة , ولذا تتلقاها بالفرح والمرح ويتخذون لها الزينة ويتقبلونها محاطة بعادات ثابتة وطقوس معينة متوارثة قلما تتطور أو تتغير والتاريخ يحفظ مثل هذه العادات التي بدأت مرتبطة بمفهوم معين لكنها استمرت ومنها احدى الالعاب التي يلعبها الأطفال وتسمى لدى البعض ((الحية بيه او الدوخله )) وهي عباره عن قفة صغيرة او سله يصنعها صنّاع السلال والحصر والقفف من خوص النخيل ويضعون فيها بعض أنواع الحبوب كالقمح والشعير , وبعض العدسيات وتعلّق بحبل على عمود مستعرض في المنزل , ويجري سقيها يوميا حتى إذا كان يوم العيد, خرج الأطفال مع أهاليهم في مجموعات لرميها في البحر عند الوصول إلى الشاطئ وتبدأ الأهازيج المنوعة للدوخلة على الشاطئ ، ويقال أن الأهزوجة أصلها حوار يدور بين الطفل الذي زرعها وبين الدوخلة , فيكون الحوار عبارة عن طلب الطفل من نبتته ان تتحقق امنيته, وأثناء الغناء يحرك الأولاد دواخلهم يمنة ويساراً وفق إيقاع الأغنية ثم يلقون هذه الأوعية بما فيها من زرع في البحر، أو من المكان المرتفع طالبين أن تتحقق أمنياتهم بقدوم العيد. وهذه العادة تعكس رغبة الناس في تعليم أطفالهم حب العمل والانتظار للنتيجة فالأهزوجة فيها تذكير بأن الطفل قام بواجب الإكرام لهذه الدوخلة فأعطاها من غدائه وعشائه وبالتالي يطلب منها أن يكون يوم العيد يوم سرور وليس حزن لعدم رجوع حجاجه بالسلامة .
وقديما ومع وقت انطلاق الحجاج لقضاء مناسك الحج حيث كانت معظم القوافل تنطلق براً وتحتاج لوقت طويل للوصول إلى مكة تبدأ النسوة بصنع الدوخلة لأطفالهن ليستذكروا بها الحاج الغائب حيث كان الطفل يردد أهزوجة «حبيبي غايب مكة» عند ريّها، فيرتبط بعلاقة جميلة مع هذه النبتة ، وكما للخليج عادات وتقاليد مرتبطه بعيد الاضحى فإن لباقي الدول الاسلاميه ايضا عادات اخرى ترتبط بالبلد والشعب .
لقد بدأت مقالي المتوافق اليوم مع عيد الاضحى ببيت من قصيدة الشاعر العظيم المتنبي التي كتبها عام 350 هـ اثناء خروجه من مصر متوجها الى الشام ليلة عيد الاضحى المبارك الذي أتى عليه العيد وهو مريض ومسافر وكأن لسان حاله يتسائل عن حال العيد الذي اتى عليه وهو في هذه الظروف السيئه ،، فالعيد مناسبة تجمع الاهل والاصدقاء ويوما يحاول فيه الانسان ان يلتقي بمن انشغل عنهم بسبب السفر او العمل او مشاغل الحياه التي لا تنتهي ، لكن هناك فئه تبدو في الظل وربما لا يرغبون في هذا اليوم الا بنظرة حنان وان يكونوا في الذاكره التي اهملتهم لسبب او لآخر ، انهم كبار السن او كما نطلق عليه " بركة البيت " بعضهم اصبح لا يتذكر من الحياه الا ذكريات عالقه في الذاكره المرهقه وبعضهم يأن تحت وطأة مرض لعين وآخرون يسكنون مراكز تعتني بهم لكنهم بالمقابل يستحقوم ان يمر العيد عليهم كما يمر على الاخرين من ابنائهم او احفادهم ،، هناك الاطفال اللذين لا يحتفلون في هذا اليوم كالآخرين لفقدهم ابا لا يعوضه آخر ولرحيل ام لا يعوض حنانها اي مخلوق ،،، ربما يعتبر العيد فرصة لاحتواء هذه الشريحه من المجتمع فكم ام تخلى عنها الابناء وكم اب غادره الاولاد وكم ابناء باتو بلا دفئ حضن الآباء ولعل هذا دور من انعم الله عليه بنعم يفقدها هؤلاء ،، ولسان حالهم يقول " عيد بأية حال عدت يا عيد" فهم لا ينتظرون عوضا بهديه او بقالب حلوى ولا بعيديه ماديه انما ينتظرون حنانا وان يكونو حاضرين في الذاكره وفي ساعات هذا اليوم .
زيارة عيد ..
في عيد الاضحى كل عام وانتم بخير ،، ولنكن رحماء في هذا اليوم ونشارك من ليس حوله قريب فرحة العيد ، فربما يكون لبعضهم آخر عيد فلنكن سببا في ابتسامة احدهم او سعادة قلب ما عاد يحتمل من الحياه تعبا او نسيان اقسى من كل العذابات ، ودمتم وبشهد الكلام نواصل