كيف نقدِّم كربلاء للزمن المعاصر؟!
تحتاج الأفكار والرؤى من وقت لآخر للطرح بطرق وأساليب متغيرة تحمل في مضمونها نفس المحتوى والمعنى، إلا أنها تُصاغ بعبارات ومعانٍ مختلفة تتناسب مع المرحلة الزمانية والفئات المستهدفة.
ومن جملة ما يدور الحديث حوله تجديد طرح قضية عاشوراء وثورة الإمام الحسين بخطاب يتوائم ولغة العصر والجيل الذي يعيش فيه، إلا أن كثير من الطروحات والانتقادات في هذا المجال لا تعدو كونها عبارات فضفاضة لا تقدم أية برنامج عملي في كيفية صياغة المفاهيم بلغة عصرية، فتأتي في الغالب بشكل ردات فعل لا بشكل برنامج مصاغ من أجل التجديد والقبول بالتنوع الموجود.
ومن جميل ما قيل في هذا الصدد ما تفضل به سماحة الشيخ فيصل العوامي في محاضرته «كيف نقدِّم كربلاء للزمن المعاصر» ليلة الثاني من المحرم، إذ رأى أن هناك فئات من المجتمع تستقبل الخطاب الحسيني هي بحاجة إلى خطاب موجّه قائم على الحوار واستعمال المفاهيم الحديثة كما ينادى بها في العصر الحالي.
فهناك فئة تستقبل الخطاب وتسلم به، وفئة أخرى تتساءل حول أحداث الثورة للوصول إلى الحقيقة باقتناع تام، وفئة ثالثة تشكيكية تنظر إلى كل حدث وموقف لا يؤمن به صاحبه بعين الشك والرفض لأصل الحدث.
ويحتاج العالم كله على مستوى المسلمين شيعة وسنة وحتى غير المسلمين إلى استقبال عبق الرسالة الحسينية ومواقف الإمام الشهيد وأهدافه في قالب إنساني يتفق عليه كل أبناء العالم، فنطرح للعالم – كما يرى الشيخ العوامي- الإمام الحسين كمقاوماً للاستبداد من خلال اللاعنف، وأنه رمز للدفاع عن المحرومين والمضطهدين والمدافع عن حقوق الإنسان بل وحتى الحيوان عندما أمر بإسقاء الخيول حتى ترتوي بقوله "ورشفوا الخيل ترشيفا"، فكما أن العالم يتجه نحو المطالبة بحقوقه والوقوف إلى جنب من يعمل لأجله ويرفع لواءه، كذلك هناك مجتمعات كالمجتمع الغربي يُنادي بحقوق الحيوان ويحترم كل من ينادي بها.
كما ينبغي تعريف العالم بسيد الشهداء من خلال حرية الرأي والرأي الآخر وإفساحه المجال للحوار للمختلف والمؤتلف للتعبير عن رأيه وعمله بكل آليات السلم للحصول على الحقوق.
برأيي، أن لغة الخطاب الحسيني بدأت في السنوات الأخيرة بالتوسع والاستيعاب لجميع الشرائح، فكل الأساليب الخطابية والمناهج الفكرية باتت متاحة.. وأنت وحدك من تختار.