سرطان فكر
لا ينمو العقل إلا بثلاثٍ: إدامة التـفكير، ومطالعة كتب المفكرين، واليقظة لتجارب الحياة. (مصطفى السباعي)
مؤخرا نشهد تقدما واضحا في مدى اهتمام الفرد بتنمية عقله وإشباع رغباته الفكرية وبطبيعة الحال يحتاج هذا الأمر إلى تكريس الجهد الشخصي ومضاعفته للبحث عن مصدر ثقافي وفكري راقٍ ، كذلك أن يجهد الفرد نفسه في متابعة مجريات الحياة، والتفكر فيها واستخراج منها المفيد والضار. ولا يعتمد على ما يصله ويحفظه من معلومات، بل يجب أن يمعن التفكير كي يستطيع التمييز بين ما يصله من أفكار هل هي نافعة فيتبعها أم ضارة فيتجنبها.
والقدرة على التمييز بين النافع والضار من حيث التطبيق في جميع أوجه الحياة يحتاج إلى عقول واعية لما تقرأ وتشاهد وتستنتج .
لكن حقيقة الأمر أن بعض الأفراد يحرصون على قراءة العديد من الكتب ومطالعة أكبر قدْر من برامج التلفاز سعيا منهم للحصول على أكبر كم من المعلومات، في حين يهملون نوعية هذه المعلومات . فقد يكون ضرر ما يقرأ أكبر من نفعه، إذ أن كثرة القراءات والمتابعات تساهم في تشكيل الفرد، من حيث اختلاف وجهات النظر وأسلوب الحياة، وتكمن الخطورة في أن ما يحرصون عليه هو الكم وليس الكيف و قد يظهر ذلك جليا على تصرفاتهم وآرائهم، وهنا بدلاً من أن يكون أثر القراءة والتفكر ايجابيا يتحول الأمر إلى سلبية تسبب أضراراً للمجتمع .
إن ظهور الأفكار الغريبة على السطح الاجتماعي ونقاشات يعجب لها العاقل تصل أحيانا إلى نقاشات في أمور ثابتة دينية ، ولكن لشدة ما يقرؤون وصل بهم الظن أنهم يستطيعون أن يغيروا حتى في مبادئ الشريعة وأحكامها وما خفي كان أعظم .
هذا التخبط الفكري الذي نعيشه ما هو إلا نتيجة قراءة غير واعية لمصادر الفكر وتجارب الحياة وبإمكاننا تسميته سرطان فكر .
وعليه يمكننا تعريف سرطان الفكر بأنه نمو غير اعتيادي في الأفكار وبشكل عشوائي غير منظم تنتشر هذه الأفكار من فرد لآخر في المجتمع .
وهذا التعريف اقتباسا من التعريف العلمي لمرض السرطان فهو عبارة عن عملية نمو غير اعتيادي للخلايا وبشكل عشوائي غير منظم يؤدي إلى مهاجمة الأنسجة المحيطة وينتشر إلى الدم والأنسجة الليمفاوية في مختلف أجزاء الجسم .