أيها المغامرون إحترسوا
هل تعلم إن هناك طريقةٌ سريعة وفعّالة جداً لتدمير مستقبلك الوظيفي ؟ هي : أن تدخل في صراع مع رئيسك !! إنه صراع لا يمكنك الفوز فيه تحت أي ظرف كان . إنك فقط تستطيع المناقشة مع رئيسك حتى تصل إلى نقطة معينة – هذا إذا كان رئيسك من النمط الذي يؤمن بالحوار – وإنطلاقاً من ذلك يمكنك فقط أن تستمر معه في المناقشة حتى تصل معه إلى نقطة إتفاق معينة لا يشعر فيها بالضعف أو الهزيمة أمامك ، ثم تنهيها قبل أن يتحول النقاش إلى مواجهة ، أوجدال محتدم ، أو صراع شرس ، وسوف يتفوّه كلاكما بألفاظ خارجة عن السياق الواجب إتباعه والإلتزام به في إطار الضوابط التي تحكم العلاقة التبادلية بينكما ، وتُجسِّد مبادئ وأخلاقيات المهنة في بيئة العمل .
تذكّر دائماً أن الأشخاص يختلفون داخل بيئة العمل طوال الوقت ، وإن الإختلاف في الرأي والنقاش ظاهرة صحية تساعد على فك الإختناقات النفسية ، وتؤدي إلى إذابة الشعور بعدم الإحساس بالرضا ، وتفضي إلى إتخاذ القرارت الصائبة . من هنا فإنه يمكنك مناقشة ما تريد مع رئيسك شريطة أن تُدرك حدود المساحة الحوارية المُتاحة أمامك حتى لا تتعدّاها بشكل أو بآخر فينقلب السحر على الساحر " لا قدّر الله " والأمر كذلك يجب عليك بإستمرارأن تقمع الرغبة الجامحة التي ربما تتولد لديك وتضغط عليك لتتجاوز تلك الحدود ، لأنه بمجرد أن تتعدى تلك الحدود لا يمكنك أبداً أن تعود سواءً كنت على صواب أم على خطأ ، وسوف ينظر إليك على أنك شخص غير جدير بالإحترام ، وغير مخلص ، وغير أهل للثقة ، ولتعلم يا عزيزي بأن ثورات الغضب والإنفعالات تُعدُّ أفعالاً مُحرّمة في جميع الحاضنات البشرية ومن بينها " بيئة العمل " فإذا فقدت هدوءك فإنك ستخسر لا محالة .
تعلّم أن تتنازل ، وأن تُعيد صياغة مفهومك الخاطئ عن " الكرامة الشخصية ، والإنتصار والهزيمة " من المُفيد أن تُبدي وجهة نظرك ، ولكن تقبّل دائماً قرار رئيسك بأنه النهائي وتصرّف بناءً عليه . كما ينبغي عليك أن تعرف " المرونة الإنفعالية " لرئيسك ، بمعنى آخر : إلى متى يمكنك أن تناقش رئيسك حتى يصل لمرحلة الغضب ؟ حتى لا يحدث ما لا يُحمد عقباه ، ويتسلل إلى نفسك الشعور بالذنب على تصرفك بتلك الطريقة التي تفتقد إلى الفهم ، والدبلوماسية الوقائية ، وسوء تقدير الموقف في تلك اللحظة .
بيت القصيد هو أن تجتهد في أن تجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن رئيسك ، وعن طريقها حاول أن تتوافق معه دون الإضرار بالآخرين ، أو التصيُّد في الماء العكر ،أو التملُّق المفضوح ، أو غيرها من الأساليب الملتوية والوقحة التي يلجأ إليها ضعافُ النفوس ، وفاقدو الضمير ، والغائيون بإمتياز .
كل ذلك الإجتهاد من أجل معرفة نمط شخصية رئيسك لتأسيس أرضية مُشتركة معه لا يحتاج إلى ذكاء خارق ، أو قدرات فوق طبيعية . فقط عامل رئيسك كما لو كنت تعامل شخصاً مهماً بالنسبة إليك ، إكسب رئيسك إلى جانبك كلما أشرقت شمسُ يوم جديد ، فإن لم تفعل ، واستكثرت عليه ذلك ، فإنك بذلك قد ساهمت في توسيع الهوّة بينكما ، وتركت الباب مفتوحاً على مصراعيه ، والطريق ممهداً ليسبقك إليه غيرك وعندها ستعمدُ إلى الظهور بمظهر الزاهد فيه أمام الآخرين كحيلة نفسية دفاعية تبرر بها مغامرتك . تحياتي .