جزاك الله خيراً ياوطن
وطننا الذي تربينا على ترابه ، وتعلمنا كيف نحبه ونضحي من أجله ، وكبرنا وتسلحنا بالعلم والمعرفة لنكون خير رعاة وحماة له نذود عن ترابه ، ونسمو حيث تسمو خطاه .. وطننا الذي شُيدت قواعده على التوحيد ، وبني دستوره على الدين الحنيف ، وثبت أركانه بمنهاج العدل والمساواة بين المواطنين ، حتى أنشدنا من أجل ذلك أجمل الأناشيد
أرضٌ فيها الناس تساووا في الحق وبالدين تساموا
ورسول الله بها وُلــدَ والأحـرار بها قد آووا
الخير بها شاع …. بلادي في كل الأصقاع ….بلادي تنعم بالخيرات بلادي
وطننا الذي توحدنا وتآلفنا وتشاركنا فيه الأفراح والأحزان ، وبنيناه بسواعدنا وسواعد الآباء والأجداد من قبل ، وانصهرنا في بوتقته ، حتى انصهر فينا كمواطنين قيادة وشعب فأصبحنا بنعمة الله اخوانا ، ونسينا في خضم هذا التلاحم والتحابب أننا شيعة ، وغيرنا سنة ، فكلنا أخوة ومواطنون في وطن الحب والسلام والإسلام ..
وطننا الغالي .. أنت تعلم بنا ، فنحن مواطنون مسلمون شيعة ، هذا اختيارنا ومذهبنا الذي آمنا به ومقتنعون به منذ ظهور الإسلام "أولئك هم خير البرية" ، قال يارسول الله : ومن هم خير البرية؟ ، قال : هم أنت وشيعتك يا علي .. "وشيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي في الجنة وهم جيراني ، ولولا أنت ياعلي لم يعرف المؤمنون بعدي" .. هذا منهجنا ، وطريقنا للوصول الى الله عز وجل ..
ولا ننكر على غيرنا طريقة تعبده ، فكل إنسان له حرية المعتقد والوطن للجميع ، أما ما يثيره البعض لإفساد هذه اللحمة بتصرفاته الفردية المريضة –كائن من كان- فإننا كشيعة لا ندير له أي بال ، ولا نعطيه أي اهتمام أبداً ، ثقةً منا بأنفسنا ، وثقة بوطننا وقيادته الحكيمة التي استأمناها -بعد الله- على أنفسنا وأموالنا وأعراضنا ، فتحملت الأمانة وقبلتها لأنها على يقين بأننا مواطنون صالحون نستحق ذلك بجدارة ، ولن يجد ذلك الحاقد منا أي موقف إلا الثبات على حب وطننا ومنهجنا وولائنا لمذهبنا ووطننا لأننا وبكل صراحة ووضوح تخطينا مرحلة العداء للآخر بمسافات طويلة .. .. ووالله -الذي جعل البيت مثابة للناس وأمنا- ما جاورنا إنسان ولا خالطنا شخص إلا ووجد المعاملة الحسنة والأخلاق الكريمة المليئة بالرحمة والإنسانية .. لماذا ؟؟ لأننا ببساطة نقتدي بعلي ابن أبي طالب عليه السلام الذي علمنا أن الناس صنفان : "إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق " ..
بعد كل ذاك الكلام يا وطني .. ألا يزعجك أن تسمع بمواطن شيعي منا قد فصل من وظيفته ، وانقطع رزقه ورزق عياله ؟
يجيب الوطن : إن كان له حق أنصفناه ، وإن أخطأ في حق غيره حاكمناه ، وإن أخطأ في حق نفسه عاتبناه وسامحناه ، وإن أخطأ في حقٍّ عام جازيناه وعاقبناه .. هذا هو سبيلنا ومنهاجنا الذي تعاهدنا عليه معك أيها المواطن : على كتاب الله وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وآله ..
أحسنت ياوطني ، وبذلك مددنا أكف البيعة لك ، وعليه تعاهدنا ، فلا نَظلِم ، ولا نُظلم .. ولهذا إنزعجنا حين سمعنا بموضوع فصل ذاك المعلم من عمله ..
سمعت بذلك يا مواطن ، والسبب كما هو معروف بأنه ارتكب جريمة لا تغتفر إلا بالفصل .
وطني .. ما سمعناه بحسب ما هو منشور في الصحف بأنه إدعاء تدريسه لطلاب مدرسته منهجاً غير منهجك ياوطن ؟ .. أهذه جريمة لا تغتفر ؟؟!!
والله يا مواطني الكريم .. لربما كان منهج كفر وإلحاد .!
لا .. لا .. يا وطني .. إنما منهج تعليم صلاة -كما هو منشور في الإعلام- ولكن على مذهبه الشيعي ..
يامواطني الكريم .. وهل الشيعي إلا مواطن مسلم ، وهل صلاته إلا ذكر وتسبيح ، ومع ذلك لماذا خالف النظام ؟ فما دام هنالك منهج رسمي فليس له حق المخالفة ..
صحيح يا وطني .. ولكن أنت قلت بأن الشيعي مسلم ، ومنهجه الذي وزعه –كما يُدعى عليه- منهج صلاة ، فهل يستدعي هذا السبب أن يفصل من عمله ، بل ويحرم من حقوقه الوظيفية ، ويمنع من أي وظيفة حكومية ؟؟ ..
لا .. لا .. هذا غير معقول .. سأحقق في الأمر .. وإن شاء الله تأتي الأمور بالخير .. لابد أن هنالك أموراً لا نعلمها ..
وطني أرجو أن تأتينا بالخبر اليقين ، وأن تنصف هذا المواطن المسكين ، فهو ابنك الذي عاش على ترابك سنين ، ونشأ وترعرع وتربى على الخلق والدين .. كلنا يعرفه هنا في منطقة القطيف ، الواحة الخضراء التي بايعتك بكل حب وسلام ..
أبشر ايها المواطن الصالح ، فلا فرق عندي بين شيعي وسني ، فالكل عندي سواء ..
بانتظار ردك يا وطن ، وكلنا بقرارك مؤمنون ، وبحكمك راضون ، لأن حبك لمواطنيك لا يخفى ، وعطفك على عيالك لا ينسى ، حتى في الحكم المبرم نعلم بأن عندك روحاً للقانون ، وسعة في الأحكام ، ومخارجاً تصفح بها عن المخالفين ، وتدرأ الحدود بالشبهات عن المجرمين ..
هذا ما تعلمناه منك ياوطن ، وقد سبق وأن تعاملت مع كثير ممن خالفوك وحاولوا تشويه سمعتك بالتطرف والتكفير ، فدعوتهم لأحضانك ، وعاقبتهم بإحسانك ، وعالجت أفكارهم بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأنشأت لهم لجنة مناصحة تهديهم الى الرشد والعودة اليك كمواطنين صالحين ، وبذلك فزت بهم وفازوا بك ياوطني العزيز الكريم الرحيم ..
وطن مثل وطني هكذا عظيم ، واثقون من إنصافه لهذا المواطن والمعلم المسكين ..
جزاك الله خيراً يا وطن ..