زعماء أم سفاكو دماء ؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى أهل بيته الطاهرين الهداة، واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.
لقد تكشف لنا إثر الانتفاضات الشعبية اليوم واقع بعض هؤلاء الذين يتحكمون برقاب امتنا ، فما إن امتلكت شعوبهم الشجاعة والإرادة لترفضهم حكاما لها حتى التهبوا غضبا وطاشت عقولهم وتحولوا من زعماء إلى سفاكي دماء ، فصاروا يقودون عصابات الموت ليغرقوا شعوبهم في بحر من الدماء ، طمعا في البقاء على كرسي الزعامة ، وتبين أن هؤلاء ليسوا حكاما ولم يعيشوا يوما كحكام وآباء لشعوبهم ، بل انسلخوا من إنسانيتهم وأصبحوا وحوشا دموية تتعطش للدماء .
وجدنا كيف أن هذا الحاكم يستعين بالمجرمين وأصحاب السوابق ليفتك بالناس ويروع امنهم ويهدد استقرارهم ، وذاك يستورد مرتزقة ليواجه بها شعبه ويستبيح بها دماءه ، وآخر يستعمل الجيش الوطني وبأقصى طاقته القتالية ، وبطائراته الحربية ليحرق الأرض ومن عليها ويبيد شعبه .
لقد جن جنون هؤلاء الحكام البائسين وطاشت عقولهم هلعا على كراسيهم ، فواحد حمل على شعبه سيف الفتنة الطائفية ، وثاني بشر بحروب أهلية وقبلية من بعده ، وثالث يرعب الناس بسيناريوهات الانقسامات والانفصالات المناطقية بعد رحيله ، لقد طاشت عقول هؤلاء الذين كانوا ذات يوم يتشدقون بأن همهم مصلحة شعوبهم ويسهرون على رعاية مصالحهم ، وان شعوبهم تعشقهم وراضية عنهم إلى حد أعطتهم شعوبهم صك المبايعة مدى الحياة !.
أي عبث واستهانة بأرواح البشر هذا الذي يجري ، واي مذابح تلك التي ترتكبها هذه الأنظمة بحق شعوبها ، واي مجازر تجترح بحق أولئك الأبرياء العزل ، إلى حد فضخت فيه الجماجم بأسلحة النار وطورد المحتجون بقذائف انشطارية كما لوانهم طيورا يُصطادون ، بل بلغ اوج هذه الاستباحة والمجازر عندما أبادوا الناس بطائراتهم كالحشرات حتى ترامت الجثث في الطرقات وتفحم بعضها من فرط ما قذفوه من حمم النيران .
إن ما يحدث اليوم في ليبيا وغيرها من أوطاننا العربية امر لا يعقل ، ولا ينبغي المحاباة فيه والسكوت عنه على حساب بشر يبادون ، فما يقوم به هؤلاء الحكام المعتوهون هي مذابح وجرائم حرب بمعنى الكلمة ، فياترى كم حاكم عربي آخر سيكشر عن أنيابه عندما يثور عليه شعبه ، فيغرق شعبه في بحر من الدماء .
أيها الحكام الذين تثور عليكم شعوبكم !
إن لم يكن لكم دين فكونوا بشرا ، ولا تنسلخوا من إنسانيتكم وآدميتكم ، وان مشاهد الدماء التي تسيل اليوم في الشارع العربي تستلزم صرخة رفض واستنكار وتنديد من الشعوب العربية فضلا عن حكوماتها .
أيها البائسون !
إننا لا نرتضي أن يسفك دم أي إنسان وتستباح آدميته تحت أي مبرر واي عنوان ، فما بالك اذا كان هذا الإنسان هم إخوة لنا مسلمون يصلون قبلتنا ويتلون قرآننا ، بل ومن بني قومنا وجلدتنا يتكلمون بلساننا عربا أقحاحا .
اليوم تغرق ليبيا في بحر من الدماء ، ودون أن تنبس الجامعة العربية ببنت شفة ، بل سبقتها أمم أخرى لعقد اجتماع عاجل لاستنقاذ ما تبقى من هذا الشعب المستباح ونجدته من جبروت طاغيته ،وقد بدى اجتماع الجامعة الأخيرخطوة متأخرة حتى في نتائجه.
كفى دماء أيها القابضون على رقاب شعوبكم ، فالعاقل منكم هو الذي ينصاع لخيارات شعبه ويستجيب لإرادته ويتنحى اذا ما أراد الشعب تنحيته ، لأن الدم ليس حلا بل يؤجج الثورة ويزيد أوارها ، والقمع يلهب في النفوس الغضب والاحتقان ليتفجر لاحقا ، فهو لا يعالج مشكلة بل يزيدها تعقيدا