أيها الأصدقاء : إحذروا من هؤلاء ؟
يحتار المرء وهو في خضم تفاعله الإجتماعي ، وجموحه الطبيعي لإشباع إحتياجاته الإنسانية والسسيولوجية ، والتي من أهمها التواصل مع الآخرين . أن يُحدد المصادر التي تؤدي إلى إهدار طاقته وتتضافر جهودها من أجل الإطاحة به أرضاً ، أو ممدداً على سرير المرض - لا سمح الله - سواء عن ( حُسن نية ) أو العكس وذلك من خلال ( الإبتزاز العاطفي ) أو الإستغلال اللامشروع لإمكاناته وقدراته الذاتية فيقع فريسة للقهر والإكتئاب والهوان .
نماذج مختلفة تحفل بها حياتنا الإجتماعية من الذين يتفنون في أساليب سحبنا إلى ( المنطقة الساخنة ) بينما هم ينعمون في ( منطقة الراحة ) غير آبهين بما يسببه سلوكهم هذا من متاعب نفسية تؤدي مع تراكمها عبر المواقف المختلفة إلى الشعور بالوهن وفقد القدرة على المقاومة والإتزان والتواصل الصحي مع الآخرين ، بل لربما تؤدي بنا إلى العزلة والإنطواء بُغية حماية أنفسنا من هؤلاء اللصوص الذين لا مفر لنا منهم في حالات كثيرة لأنهم يحيطون بنا من كل جانب . وكما يقول الشاعر :
ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى عدواً له ما من صداقته بدُّ
الكل منا يتوق لأن يتعرف على هذه النماذج لكي يأخذ الحيطة والحذر منهم ومن أساليبهم الشيطانية التي تلبس أثواب الإنس ليتسنى لهم خداعنا والوصول إلى أهدافهم الملوثة بيسر وسهولة . ويجب عليَّ التنويه هنا ( إنني لا أدعوك للريبة والحذر من كل من يحيط بك ) فالأصل في علاقتنا مع الآخرين هو ( ُحسن الظن وسلامة النية ) أو كما تقول مبادئ البرمجة اللغوية العصبية ( إن وراء كل سلوك نيةٌ حسنة ) ولكن : إن مما لا شك فيه إنه لو إستمر ذلك السلوك السلبي من ( شخص ما ) وحاول إستغلالنا وإستثمار ( نوايانا الحسنة ) تحت فرضية ( إربح / إخسر ) ( win / lose ) بدلاً من فرضية ( إربح / إربح ) ( win / win ) التي يتصف بها كل إنسان سوي يعيش على هذا الكوكب الجميل ويحب الخير لنفسه وللآخرين حتى ( ولو لم يتفق معهم) في الرأي أو التوجه الإجتماعي فهذا يدفعنا تلقائياً إلى تصنيفه ضمن قائمة ( لصوص السعادة ) وهنا يلزم أخذ الحيطة والحذر وتعزيز ( جدار الحماية ) لدينا لكي لا يسهل عليه أو من هم على شاكلته إختراقنا وتدمير طاقتنا الإيجابية ، وعزلنا عن نسيجنا الإجتماعي وحاضنتنا الطبيعية . فمن هم هؤلاء ؟ حسناً . إليك بعضاً من نماذجهم :
• يتحاور أحدهم معك ، ويتجاذب معك والآخرين أطراف الحديث . تختلف معه في وجهة النظر ، فيسعى جاهداً إلى إسقاطك رافعاً صوته ( وسوطه ) في وجهك فتلوذ بالصمت ، أو الفرار من الجلسة مقهورا مذعورا وفقاً لدرجة تحملِك .
• تشترك في عمل إجتماعي ( تطوعي ) أو رسمي ، فتصادف من يسلط نفسه رئيساً عليك ، يأمرك وينهاك . تستجيب إليه في بداية الأمر لا سيما عندما يكون أكبر منك سناً أو يفوقك خبرة . فلا يلبث أن يستمرئ إصدار الأوامر ويستمتع بطاعتك العمياء إليه غير آبهٍ بآثار ذلك على نفسيتك وطاقتك . فتفر من الجماعة مُكرهاً غير راغب .
• تذهب معه في رحلة لتنفس عن ذاتك ، وتُعزز علاقاتك ، فتكتشف أنك ( مطراش ) هنا وهناك ، تخورُ قواك ، وتستنفذ كل طاقتك ، ولا تستمتع ولو للحظة بوقتك ، أو حتى تجد أمامك فرصة للتأمل وتجديد خلايا الإنتاج لديك . فتمهمس لنفسك ( متى نعود .... ) ؟
• يتقاسم معك العمل في ( لجنة ما ) محددة الأهداف والوظائف والمهام ، فترى نفسك تعمل مع بعض المؤمنين بالعمل الإجتماعي مثلك ( إلاَّ هو ) يأتي آخر الناس ، وينصرف أولهم ، بل ويسند إليك بعضاً من المهام المكلف بها وهو ضاحكاً مسرورا . ثم يناصفكم النجاح إذا لم يُجيِّرَهُ لحسابه ( one man show ) .
• تقترح عليه فكرة ما لتطوير العمل ( الرسمي أو الإجتماعي ) وتطلب رأيه فيها . فإذا به يخطفها منك ويطير بها لصاحب القرار ويقدمها على إنها من بنات أفكاره العبقرية !! دون وجل أو خجل منك . وتصرخ في صمت مميت ( العوض على الله ) .
• تحتفل بيوم زواجك ( ذكراً كنت أم أُنثى ) ولا تسعك الوسيعة من فرط فرحك اللامحدود بأول مولود ، وتتوالى المواليد واحد تلو الآخر وتنمو شجرة العائلة المباركة وتزدهر أغصانها وتترعرع وتعربد طولاً وعرضاً في مضمار رعايتك – بعد الله – وأنت تراقب هذه الأغصان اليانعة وهي تزداد نمواً وإزدهاراً علَّك تتفيأ ظلها يوماً ما . فإذا أنت / أنت ِمُنهك / مُنهكة القوى كطاحونة الهواء لا تقف ولا تستريح لأنها تحت رحمة الرياح ( ولا حول لها ولا قوة ) ويكون ذلك بلا شك على حساب صحتك وعلاقتك بشريك حياتك . وهنا تسأل : هل يجب علي أن أعيش معهم ؟ أم من أجلهم ؟؟
إنهم يحيطون بنا من كل جانب ( في الأسرة والمجتمع ) ويتقاسمون معنا ثواني حياتنا ، ويتسببون في شعورنا بالقلق والإجهاد وعدم القدرة على التفاعل الإيجابي مع البيئة المحيطة بنا ، ويدمرون طاقتنا الجسمانية والعاطفية ، ويستهلكون القدر الأكبر من تفكيرنا ، ويساهمون في إعاقتنا عن المشاركة الفاعلة في دورة التنمية والبناء سواء على مستوى ( الأسرة ، أو المجتمع ، أو الوطن ككل ) .
ليس بالضرورة أن يكونوا من الأشرار المستأسدين ، بل في أحيان كثيرة هم من الناس الطيبين الذين يشيعون جواً من البهجة والسرور في محيط ( الجماعة ) وهنا تكمن الخطورة ، حيث ينطبق عليهم قول الشاعر :
من يَقتل النفس يُقتلْ بفعلتهِ وقاتل الروح لا تدري به البشرُ
فضلاً : توقف للحظة ، وأعد تقييم وضعك ، وقم بعملية ( جرد مُنصفة ) لكل الذين يتسببون - حسب إعتقادك وخبرتك - في تعاستك وإهدار طاقتك ، أو إتلاف حسك العصبي والنفسي ، ضعهم في قائمة سوداء ، حمراء ، زرقاء . لا يهم . المهم أن تسْلَم لنفسك وتفر ممن يتسببون في وهنك وضعفك . ضع خطوطاً حمراء وتعهَّد بأن لا تسمح لكائنٍ من كان بتجاوزها . وأنتظر النتيجة ؟؟ تقول لي : إنك لا تستطيع . أقول لك : إنك لا ترغب . لأن الأصل في الإنسان القدرة وليس العجز .
عزيزي : حاول ولا تيأس فلا شيء في هذا الكون أهم ممن يقرأ هذا المقال الآن . فهل تعرفه ؟ إن كنت قد عرفته . أرجوك إمنحه ما يستحق من إهتمامك . تحياتي