التزكية قبل العلم والثقافة
إن التزكية قبل العلم والثقافة بمعنى أن تهذيب النفس وامتلاكها لصفة العدالة والالتزام الديني أو الأخلاقي في تقوىً يهذب صاحبه هم من أهم وأبرز الأمور التي ينبغي للعالم أو المثقف امتلاكها وهنا نعني بالتقوى عدة أمور منها الاجتناب عن المحرمات أو المكروهات وقد تكون تلك المحرمات أو المكروهات أخلاقية قبل أن تكون شرعية فقد يكون المرء متديناً لكنه ظالماً لنفسه وللآخرين في طريقة أو أسلوب التعامل معهم لذا يجب أن تتوفر فيه صفة العدالة من الذات ومع الآخر كي يتسنى له الإبحار في مجال النقد والتوجيه الاجتماعي وذكرنا هنا العلم والثقافة لأنهما رديفان لبعضهما البعض فلا يمكن تحصيل الثقافة دون التعلم سواءً أكان ذاك التعلم جهداً ذاتياً أو عن طريق التعليم الديني أو الأكاديمي.
من الممكن أن يحقق الإنسان نسبة من التعليم أو درجة علمية لكن لا يعني ذلك أنه مثقف ، لكننا في نفس الوقت نجد من لا يمتلك درجة علمية لكنه مثقف في نفس الوقت بما أمتلكه من تحصيل ثقافي أتعب نفسه في سبيل الحصول عليه ونضرب مثلاً في ذلك المؤلف المصري المشهور عباس محمود العقاد . فهو ليس من حملة الشهادات لكنه من أصحاب المؤلفات الكثيرة في مجالات متعددة.
إن تزكية النفس تأتي في مقدمة الأمور التي سعى الأنبياء لتحقيقها في صنع الإنسان.
إن العلم والثقافة ضروريان في حياة الإنسان من جل بناء مجتمع أفضل وبناء حضارته وتحقيق ما يصبو إليه لكنهما لا يستطيعا تهذيبه أو عصمته عن الوقوع في الخطأ وعمل الجريمة أو التسويق لها بما يتناقض مع ما يمتلكه من فكرٍ أو ثقافة.
إن الاستعمار الغربي عندما باشر غزو العالم الإسلامي كان ذلك الغزو بمباركة علماء ومثقفيه في تلك الفترة فلقد بارك هيجل انتصار الروح الأوربية وعودتها إلى مجدها عند احتلال فرنسا للجزائر واعتبر ماركس وانجلز الاستعمار الفرنسي للجزائر خطوة تقدمية سترتقي بالجزائر من طور الإنتاج الإقطاعي إلى الطور الرأسمالي.
وهذا مرجليوث يحاول أن يزيف تاريخ المسلمين حتى لقد قال عنه مستشرق آخر(آبري9 في خاتمة كتابه (المعلقات السبعة) إن السفسطة وأخشى أن أقول الغش في بعض الأدلة التي ساقها الأستاذ (مرجليوث) أمر بين جداً ولا تليق البتة برجل كان ولا ريب من أعظم العلماء في عصره.
ولذلك لم تكن بعثة الأنبياء والرسل عليهم السلام للتعليم فقط وإنما التفتوا إلى الجانب الأهم في ذلك وهو تزكية النفس وتهذيبها بما يحصنها ويقيها من صنع ما يساهم في تحطيمها وقتل الروح الإنسانية فيها.
إن أكبر قوة علمية في عصرنا الحديث أمريكا ولا أقول حضارية أو فكرية أو مدنية لأن الحضارة والفكر والمدنية لها مفهوم آخر، هذه القوة باسم العلم والثقافة والحضارة تمارس الهيمنة والإذلال لبني البشر في شتى أصقاع الكرة الأرضية وهاهي تمارس حماية إسرائيل الدولة العنصرية فيما تفعله من تقتيل وتدمير للمجتمع الفلسطيني وهتك أبسط الحقوق والواجبات له .
كلُ ذلك باستخدام وسيلة العلم والثقافة وبمصطلحات العصر الحديث من العولمة إلى الحرية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة إلى الإدعاء بأن إسرائيل تدفع عن نفسها وكأن الإسرائيليون هم أصحاب الأرض وقد أتى الفلسطينيون لطردهم من أرضهم.
من هنا جاء قولنا أن لابد من للتزكية قبل العلم والثقافة لئلا يتم تجيير وتحوير الثقافة في خدمة الظلم والقهر والاستبداد.
لكي نكون مصداقاً لقول الشاعر :
وما من كاتبٍ إلا سيفنى ويبقي الدهر ما كتبت يداهُ
فلا تكتب بكفك غير شئٍ يسرك في القيامة أن تراهُ