هل لهذا العنف مبرر..؟
عند زيارتي لأحد المفرج عنهم في الاعتقالات الأخيرة ، لتهنئتهم بالخروج ، ساءني وبمرارة ما وجدنا عليه من آثار وكدمات ، كانت غريبة وعجيبة وفي أماكن متعددة وحساسة من جسمه ، خياطات الراس في ثلاثة مواقع مختلفة ، وبثلاثة أنواع حجما ، عشرات الغرز ، كما أن التجبيس في رجله ما زال أثر الكسور و الرضوض.
هذا التصرف لا يدل على أن من قام بهذا العمل أمن نظامي ، يعمل بقانون المؤسسات والدستور لوطن اسلامي ، بل يبدوا وكأنه عمل عصابات ، بطائفية حاقدة ومقصودة ، وعنف غير مبرر ، بل بطبيعة غريبة لا يحملها عربي شهم فضلا عن مسلم.
وبذا أتساءل وبمرارة..! ، عن المبررات والمسوغات لمثل هذه الأعمال ، وما هي الدوافع التي تستدعي لعشرات الغرز ، في أماكن مختلفة من الرأس والوجه...؟ ، لمجرد مشاركة متواضعة غير مقصودة أو مقصودة في مظاهرة سلمية لإصلاح الوطن ، وكأن ما قاموا به جريمة تستحق كل هذا...؟ ، حتى لو خالفت بعض القوانين فلا تستحق هذا النوع من التعذيب ، أليس الإصلاح مطلب ديني وثقافي وحضاري واجتماعي...! ، أقرته كل الدساتير المدنية والشرعية والقانونية ، فإذا كان كذلك فلماذا هذا العنف للطالبة بها ، وخصوصا إذا كانت بطريقة حضارية سلمية نظامية.
وللمسئول عن هذه التجاوزات ، اقول: هل هذا ما ينص عليه دستور المملكة العربية السعودية ، وأين الحقوق للوطن والمواطن...؟ ، والأسوأ من هذا كله سعي البعض بعند وإصرار إلى شقلبة الحقائق , وتحريف الوقائع بطريقة خبيثة , وقلبها رأسا على عقب , بالاتجاه الذي يشوه صورتها , ويطمس حقيقتها ومعالمها التي خرجوا لأجلها , وتحويلها إلى قنبلة حارقة مدمرة ، وذلك لتبرير هذه التصرفات ، وتلبيسها بغطاء الشرعية.
ألا يعلم هؤلاء إن إثارة الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية والعشائرية ، والإصرار عليها بهذا الاسلوب ، يجعل منها أداة حارقة تلسع كل من يقترب منها ، وإذا نمت وكبرت أصبحت خطرا حقيقيا يهدد الامن والأمان ، ومضاره للجميع وليست لفئة واحدة أو طائفة ، وتكون عاملا قويا للإنفلات والخسران.
عندما نفكر في سر هذه التصرفات المتعجرفة...؟ ، وكأننا في عصر الجاهلية ، التي يستقوي فيها القوي على الضعيف بالغزو والسلب ، فيسلبه كل ما يملك ويعود بالبهجة والسرور بغلبته ، هل يعلم هؤلاء ان الوضع اختلف كثيرا عن الماضي...؟ وأنتهى ، علما بأن الجاهلية كان فيها البراز متكافئ ، أما هنا فلا وجه للمقارنة.
نحن في القرن الواحد والعشرين ، ومع هذه الطفرة التكنولوجية والإعلامية والثقافية وعلى مرآى ومسمع من العالم بأسره ، ويجري ما يجري ولا منكر له ، لأن البعض مازال يعيش في عقلية الماضي وسطوته ، والرأي المنفرد والمتفرد بخطئه وصحته ووهمه ، مقابل آراء كل العقلاء...!
ترى ما الذي ستجنيه من هذه التصرفات ، وهي تحرم أبسط الحقوق المدنية ، وتقوم بهذا الدور الذي لا يقره قانون أو شرع أو عرف أو عقل ، وهي تمارس العقوق الواضح ضد أبناءها المواطنين ، واستعمال البعض كبوق لبث حملات التضليل والكذب والبهتان عليهم ، وهذه الأبواق الضالة والمضلة التي تسعى لفك صف وحدة المسلمين ، وخلق الحزازات الطائفية الهدامة ، التي تؤدي إلى شرخ الوطن والمواطن ، وتفكيك اللحمة الوطنية لأبناء الوطن الحبيب ، مما يعود عليه بالضعف والانحراف والتوتر ، وهذا ما لا نتطلع إليه في المواطنة والأمن والاستقرار.
لذا نحن نشد على أيديكم بالحكمة والمسئولية التي عهدناها منكم ، وضع حد لهذه التصرفات الغير اخلاقية بصورة جادة وفاعلة ، والتي ربما تصدر عن جهل ، وعن حس يفتقد للحس الوطني الغيور لتراب هذه الأرض الطيبة ، ودمتم في خدمة الوطن والمواطن.