إلى أستاذنا بدر الشبيب
جعلتكَ في الأبياتِ يا أيها البدرُ
نثارَ أهازيجي فعاتبني النثرُ
فها أنتَ يا لونَ المنارات لم تزلْ
على الصفحة الأولى يقبلها السِّفْرُ
تؤسسُ للقراءِ جلسة دهشةٍ
فيصمتُ مذهولاً على الأسطرِ الشعرُ
فما اخضلَّ مني العودُ إلا من الندى
فمنكَ ارتوى حرفي وحفَّ بيَ الزهْرُ
ذكرتكَ كيْ تصغي إليَّ محافلٌ
وأسرابُ أطيارٍ سيسحرها الذكرُ
وجئتكَ في الأسحارِ أحملُ باقةً
من الحبِّ في كفَّيَ يا أيها الفجرُ
سألتُ صباح الوردِ عنكَ فدلني
عليكَ من النسرينِ في الروضةِ العطْرُ
فها أنتَ في الأرواح نهرٌ من العطا
وها أنت في العينين يشبهك البحرُ
أأسردُ للتاريخِ قصةَ أبلجٍ
نواصيهِ آياتٌ وقافيتي صِفرُ ؟
أأعبرُ طيفاً لا حدودَ لظلهِ
وسلطانُ تجديفي إلى الجهةِ الفقرُ ؟
برايتكَ البيضاء نصٌ يدلني
عليكَ كنجمٍ ما ، إذا أظلمَ القفرُ
وعطرُ الخزامى منكَ ما اختارَ موطناَ
يطوفُ على العشاقِ يحملهُ صدرُ
تقمَّصْتَ شكلَ البدرِ في ليل بؤسنا
أما كنت شمساً ساقها ذلكَ العصرُ ؟
إذا ما انحنى نخلُ القطيفِ لقامةٍ
من العلمِ ، من تقواكَ حقَّ لهُ الفخْرُ
يجاورك الريحانُ يستافُ نفحةً
جبينكَ وضاءٌ يلوذ به الدُرُ
ثقافتكَ الأسمى قبابُ تواضعٍ
ورجحانُ عقل الحرِّ يعرفه الحُرُ
توارى عن الأنظار غردْ فإنها
ستأتيكَ أسراباً بموالها الطيرُ
أأرخى حياءٌ منكَ ستراً فلن تُرى ؟
وقدْ سلطَ الأضواءَ من حولكَ السطْرُ
وجادَ يراعُ العاشقين لشخصكمْ
ليكشفَ عما كنتَ أخفيتَهُ الحبرُ
عظُمتَ بعيني حين ألَّفْتَ بيننا
وقدوتكَ الأخيارُ والمعشرُ الغُرُ
سكبتَ على شيطانِ نفسكَ والهوى
حميماً فماتَ الحقدُ وانطفأ الشرُ
وهذبتَنا حتى اتخذناكَ فارساً
هنيئاً فما ألهاكَ كرٌ ولا فرُ
تصوبنا إن زلَّ منا لشقوةٍ
لسانٌ فكم يجري على ثغركَ الخيرُ
خذِ الشعرَ معزوفاً بقيثارة المنى
على صفحات الغيمِ يا أيها البدرُ