وَرَحَلْتُ إِلَيْك
كَانَتْ هِيَ كَأَلْوَانِ قَوْسُ قُزَحْ تُضْفِيْ عَلَى الْحَيَاةِ طَرَاوَةً لا تَنْتَمِيْ لِلْوَاقِعْ ، تَصَرَفَاتُهَا مُثَارْ جَدَلِ الآخَرِيْن ، أَنِيْقَةُ الظِلِ ، سِيْمفُوْنِيْةُ الْعَذَابْ ، صَقَلَتْهَا الْحَيَاةُ لِتَكُوْنَ كَالنَدَى يُسْكِبُ الْأَنْفُسَ شَيْئَاً مِنَ الْجَمَالْ .
لَاْ أُخْفِيْ عَلَيْكُمْ فَلَاْ بُدَ لِلْحَقِيْقَةِ أَنْ تُشْرِقَ رُغْمَ الضَبَابِيْةُ الْمُكْتَنَزَةِ فِيْنَا ، دَائِمَاً هِيَ عَمِيْقَةَ التَفْكِيِرِ ، مِرْآةٌ صَافِيَةٌ ذَاتُ رُؤْيَةٌ حَضَارِيَةٌ ، أَنَا كُنْتُ أَتَأَمَلُهَا بَيْنَ الْفَيْنَةِ وَالْأُخْرَى لِأَرَى فِيْهَا أُنْثَى أَخْلَصَتْ عَلَاْقَتِهَا مَعَ تَاءُ التَأْنِيْثِ الْعَرَبِيَةُ ، أَحْبَبَتُ غَدَاةِ الْعِشْقِ اِرْتِشَافَ فِنْجَانَ قَهْوَةٍ مِنْ يَدَيْهَا لِتَنْسَابَ أَحْرُفِيْ الظَمْئَ بُحُورُ جَمَالْ .
شَدُو الَلْمَسةِ الْأُوْلَى عِنْدَ خُضْرَةِ ذَاكَ الْلَيْلُ بَيْنَمَا هِيَ تُصَفِفُ شَعْرَهَا بَيْنَ أَنْغَامِ الْمُوْسِيْقَى النَاعِمَةُ الْأُوتَارْ .
جَلَسَتْ فِيْ الزَاوِيَةُ الْيُمْنَى مِنْ غُرْفَتِهَا وَأَمَامِ الْمَكْتَبَةِ الْمُزْدَحِمَةُ بِالْكُتُبِ لِتَكْتُبَ لَهُ هُوَ مَا تَشْعُرُ بِهْ كَأَنَهُ يَأْخُذُ الْجَزءَ الْأَكْبَرُ مِنْ فَنَاءِ الْمَكَانِ .
اِحْتَضَنَتْهُ فِيْ اِحْتِضَانِ الْيَرَاعِ بَيْنَمَا يَدُهَا الْأُخْرَى تُدَاعِب ُخُصْلَةَ شَعْرِهَا النَازِلَةُ عَلَى خَدِهَا إِلَى نُصْفِهِ ، لَحْظَةُ شَوْقٍ ، لَحْظَةْ أَلَمٍ .
سَأُطْلُعِكُمْ مَا كَتَبَتْهُ إِلَيْهِ بِصُدْقٍ بَنَفْسَجِيْ كَمَا رَأيْتَهُ .
أُحِبُكَ وَأَنْتَ قَرِيْبُ ، أُحِبُكَ وَأَنْتَ بَعِيْدُ ، أَرَاكَ فِيْ كُلِ شَيْءٍ ، أَنْتَ مُتَجَسِدُ بِأَضْلُعِيْ وَمَا وَرَاءِ الْمَكَانْ ، اصْطَفَيْتُكَ لِذَاتِيْ تُدَاعِبُنِيْ تُلَاْمِسُ فِكْرِيْ ، أَنْتَ الضَوْءُ الَذِيْ يَكْتَشِفُ الْأَشْيَاءَ فِيْ بَصَرِيْ وَمِنْ بَصَرِيْ ، يَا أَنْتَ أَنْتَ يَا مَنْ عَرِفْتَهُ فَعَرِفْةُ طَعْمَ الْمَاءْ ، إِلَيْكَ إِلَى كُلِ قِطْعَةٍ مِنْ جَسَدِكَ الْمُدَمَى ، أُلْقِيْ وَجَعِيْ ، ضُمَنِيْ مَعَكَ ، ضُمَنِيْ فِيْ تُرَابِ قَبْرِكَ النُوْرُ ، قَبْرُكَ الْمَعْجُوْنُ بِدَمْعَةٍ تَوَضَأَتْ بِدَمِ الْحُسَيْنِ .
اِنْهَمَرَ الْقِرْطَاسُ عَوَالِمَاً لا تُرَى ، رَأَتْ جَسَدَهَا فِيْ وَضْعِهِ كَمَا هُوَ ، اِنْدَهِشَتْ ، تُحَدِثُ نَفْسِهَا أَلْسْتُ أَنَا الَتِيْ كُنْتُ هُنَاكَ أُسَطِرُ قَلْبِيْ لَهُ ، تُرَى مَا جَرَى ، مَنْ هَذِهِ الَتِيْ هَيَ أَنَا .
