قصص قصيرة جدا 5
الزهرة الذابلة
تناول الماء من يدها قائلاً : " ما بكِ " ؟ .، أجابته : " إن الزهرة التي كنت لها بمثابة الأم الرؤم قد ذبلت " . ، اعتصر قلبه فجاءت الذاكرة السوداء حضوراً يلهب الدمعة قائلاً : " لنزرع واحدةً أخرى ، بين غمرة الصمت سألته : " لما غبت عن الدار كل هذا الوقت " ؟ . ، أجابها في غيابٍ للوعي : " لقد كنت هناك ، هناك حيث لا وقت .. "
غيمة
في غمرة السكون المزدحم بالضجيج جلس مذهولاً مما يرى ، رأى غيمةً سوداء تنبأ عن عاصفةٍ ، توجه مسرعاً إلى أمه يلوذ بقلبها كطفلٍ لعل الطمأنينة الخضراء تلقى فراغاً في ذاته ، تربت على خديه بكل ألوان الحنان ، رفع رأسه والبسمة تعلو شفتيه ..
الوسادة
وسادتي لا زالت تأكل من جسدي حنيناً ، لا زالت تحملني لدنيا كنت يوماً أراهق في تحطيمها ، نسيانها .. ، أتكون يا جسدي كبش فداءٍ لأوهامٍ هي السراب بعينه ..
الولد النحس
في ليلةٍ من منتصف الشهر ولد الطفل ، في ليلةٍ من منتصف الشهر ذاته نشب حريقٌ في القرية راح ضحيته بعضٌ من أهل القرية فوسم الأهالي الطفل بالفأل الشؤم إلى درجةٍ جعلهم ينسبون كل سوءٍ يقع لهم يكون هو السبب ، هذا الطفل الذي يتمتع بجمالٍ يوسفي وابتسامةٍ رقراقةٍ كلما هزته فاطمةٌ أخته الوسطى ..
كبر الطفل وأصبح شاباً وقد تخرج من الجامعة وبدأ نشاطه الاجتماع في إصلاح القرية ..
شموخ
أدثر وجعي في وجعي لأرسم خيطاً مستقيماً على ورقةٍ بيضاء وفي الناحية اليمنى منه أرسم شجرةً ذات ثمارٍ متدليةٍ كشعر امرأةٍ ثم في الناحية اليسرى أرسم نهراً يقف أمامه طفلٌ ينظر إلى الأمام ..
في الغرفة السوداء ذاكرةٌ تسكن الجسد ، تأتي مع الريح عاصفةٌ ، الماء هنا ، الشمس هنا ، الأم والزوجة والأطفال كلٌ هنا ، مهلا ، لا أبصر شيئاً سوى ذاكرةٍ تسكن الجسد ..
الطفل يبكي ، يبحث عن والده الذي غاب مع الغياب ، هل كان يفهم لغة الفراق ؟ . ، هل كان يفهم وهو الذي منذ ولادته لم يبصر وجهه يوماً ؟ .
أين أنت ؟ . ، أبحث عنك في دفاتري وبين أحرفي ، أين أنت ؟ . ، هذا طفلك في حضني أبصره ، أقبله ، أعانقه ، أتراك تسمع نبضه ، أتراك تضع الآن يدك على قلبك لتختصر المسافات ، أنا جسدٌ أنت فيه فانحني ، انحني وعانقه ..