خطوات القذارة
براثن الطاغوت لا تقف عند خط حرمة، ولا ترعوي أمام تهتك واحد، بل إن الحالة الظلامية التي تعشعش فيها وساوس شيطنته تشد بعضها بعضاً، وهكذا يجر الشيطان أتباعه إلى مزالق لا حصر لها ولا حد، فشربة الكأس المحرمة سيعقبها آلاف القناني المنهي عنها ولديه مزيد !!، المجرمون اليوم لا ينتهكون حرمة الإنسان وحسب، بل يواصلون الطريق بطوفان البغي لينتهكون حرمة الرحمن ويدنسون مقدسات الله بأقدامهم القذرة، ونسلط هنا على بعض تلك الجرائم التي يرصدها حتى الأعلام المعطوب في هذا الزمن الحاضر، لا في زمن يتصل سنده بعالم الخيال والأسطورة ..
هدم بيوت الله !!
الهوس التملكي والغرور السلطوي يمتد عبر القرون من عرش " فرعون" الذي قال : "... فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ" وقوله " ... أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى " إلى زمن يقول فيه الفرعون : " أهدموا كل مسجد بني لله من غير ترخيصي وتصريحي !! " ، " أسقطوا كل مسجد لم يتصل بنيانه بتوقيع ملكي مني إذ لا شرعية له ولا قيمة !! " ثم ما تلبث الجرارات حتى تقتلع حيطان وجدران المساجد ودور العبادة بأوامر حكومية ملكية تتشدق بالإسلام وتدعيه بالهوية دون تطبيق!!، أيُّ إسلام هذا الذي يهدم معتنقيه بيوت الله بالمعاول والدبابات؟!، أي إسلام هذا الذي يسحق فيه منتسبيه مساجد الله ويحولونها إلى أنقاض دون مستنكر؟!، أنه الخرس المصلحي المشوب بالجبن والهزيمة والعار، إنه البكم الذي خيطته أنامل إبليس اللعين فلم يُنبس بكلمة حق أمام مترجرج جائر، أوليس الله يعصم المساجد لنفسه بقوله : " وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ..."؟! فكيف تُهدم مساجد يذكر فيها الله بحجج شيطانية واهية أشد وهناً من بيوت العناكب المتهالك؟! .. أولم يعقد الله نواصي الظالمين ممن سعى لخراب بيوته بالخزي في الدنيا والعذاب العظيم في الآخرة؟!، (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، أولم يفهموا هذه الآيات ويعوها؟!، بلى قد فهموها ووعوها ولكن حقت عليهم كلمة العذاب (أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ) ؟!
حرق القرآن مجدداً .
لا نستغرب أن يُحرق كتاب الله على أيدي أعداء الدين الحنيف أو الموهومين بعقد تم تدشينها بعد مسخ أدمغتهم، ولكن السؤال الذي يهيمن على العقول : هل يحرق المسلم كتاب ربه " القرآن الكريم " ؟!، قد يتبادر للواحد منا إجابات الاستحالة، إلا أن الاستحالة تكون حية في الواقع بعد أن يتجذر في العروق الشيطان ويتعملق، أولم يسري في دماء البشر منذ آدم وحتى اليوم وغد ؟! قد يُقنع الشيطان أتباعه بحرق بعض المساجد وتحرق معه مصاحف طبعت على نفقته مثلاً، ممن لا يرتضي حرقها بطبيعة الحال، فكيف مارس هذا الدور بأوامره المريضة التي كان حقده ومكره العفريتي سيد موقفها ؟! أنه العمى الذي يغرسه إبليس في جموع أتباعه ومريديه، وهكذا شاهدنا كيف حُرقت المصاحف وأُتلفت الآيات الكريمة دون شجب أو تندين من وسائل الأعلام المأجورة المصابة بالخرس أمام حفنة حقيرة من الدراهم الرخيصة .
انتهاك الحرمات .
من تشبث بالدنيا وركض خلفها، فإنه سيدفع آخرته فاتورة باهظة في قبالتها على أقل التقادير وقد يدفعهما معا ولا يبلغ غير الوهم !
نسمع عن حملات الاعتقالات والاغتصاب ومجازر سفك الدماء لأبرياء لا حول لهم ولا ذنب في أغلب الأحيان وأحياناً أخري بذنب مصطنع وملفق لتقديم أكباش فداء، لتحريك عصا التوازن وخلخلة النفوس لخلق حالة من الخوف والهلع في أعماق الجماهير المنتفضة على واقعها الميت؛ لنرى في وضح النهار أن اللعب بالنار يمارسه الجلاد المتمركز في السلطة ليحافظ على كرسي تخمته المطاطية المتأرجحة، وحينما يستشيط غضبه فإنه سيقلب عرشه على رأسه ويفقد توازنه هو بعد أن يصدر أمره السامي بإطلاق وابل الرصاص على أبناءه دون رحمة !!
هكذا تنقطع الأواصر حينما يخشى السلطان من أبناءه فيصرح علناً : " لو نافستني على هذا الأمر لأخذت الذي فيه عينيك "، ولا تقف الانتهاكات وحرمتها مانعة له، فلقد طواها منذ أمد بعيد، وحكم عليها بختم جريمته النكراء التي تفوح منها رائحته النتنة.