ذكاء التعاسة وتعاسة الذكاء
تعلّمتُ جيداً في الحياة بأنّ الإعتماد على الذكاء الشخصي بمفرده ، يتسبب في السقوط في أوقات كثيرة ، وعدم بلوغ الأهداف ، أو حتى ملامسة الحلول البنّاءة كما يجب ، والحمد لله إننا نعيش اليوم في عصر الإختلال الوظيفي ، فلو بحثت قبل سنوات عن إستشارة متخصصة ، لنظر إليك الناس على أنك ليس كفؤاً ، أمّا اليوم ، فإن لم تكن خاضعاً لعلاج ، سينظر إليك الناس أنك إنساناً رافضاً ، وعليك الإستفادة من مفاهيم العصر ، فإذا كانت لديك مشكلة لا تستطيع حلّها ، أنت ولا أصدقاؤك ، أو المقربون منك ، فلا تهدر دقيقة أُخرى من وقتك ، وأبحث عن مساعدة متخصصة فوراً.
هيء نفسك بأن لا تكون عند أول شخص تقابله كل الإجابات الشافية الضافية ، عندما طرقت باب المشورة في مسألة ما ، منذُ فترة ليست بالقصيرة ، أعترف لكم الآن إنني بدأت بداية خاطئة مرتين مع أخصائيين غير مناسبين أو ملائمين ، مع إنهما أخصائيين جادين كما كنت أرى ذلك ، ولكنني كنت محظوظاً : فقد عثرت على الإخصائي المناسب في المحاولة الثالثة ، فلا تردد - يا عزيزي – في البحث حتى تصل إلى الأخصائي الذي تتوافق معه ، فلن تستطيع الوصول إلى لُب المسألة بدون أساس من الثقة .
الثقةكذلكليست هي الإعتبار الوحيد في هذا الجانب ، أنت بحاجة أيضاً إلى شخص كفؤ ومتدرب بشكل جيد ، ويمكنك أن تستعين بمعارفك لإدارة بوصلة قرارك نحو الإستشاري المناسب ، وإلاّ فلا ضير أن تعتمد على بديهتك لتحدِّد لك الشخص المناسب وطبيعة مشكلتك .
يحدث أن يكون لدى البعض منا خللٌ من الممكن معالجته بيسر وسهولة ، دون اللجوء إلى الإستشارة المتخصصة ، ولكن في أوقات أّخرى ننؤ بثقل مشاكلنا ، ونضطر مكرهين غير راغبين إلى الإستعانة بالآخرين للتخلص من جروحنا النفسية العميقة ، بل ومن حق أنفسنا علينا أن نكون جادين في هذا الإتجاه ، وعدم التلكؤ أو التردد في التحرر من القوالب الفكرية القديمة البالية التي لم تعُد اليوم ذات جدوى.
إنّ الإستشارة هي أهم مداخل الحلول والعلاج، لا سيما من ناحية تعزيز قدرتنا على فهم أنفسنا بالدرجة الأولى قبل حرصنا على فهم الآخرين ، ويجب عليك أن لا تتأثر بالمقولات الزائفة التي ربما تفهم منها أنك ستتحول إلى رهينة للإستشاريين في هذا المجالأو ذاك ، فإذا ما وفقك الله وأخذ بيدك نحو المتخصص الجيِّد ، فإنك ستحصل بإذن الله على فهم واضح للمشكلة ، وبالتالي تحديد الحلول المناسبة لها .
ليس هناك أتعس في الكون أكثر من شخص يرفض الإشفاق على نفسه ، بل ويستلذ بعذاباتها ، لا لغاية سامية ، ولا لهدف عظيم ، إنّما فقط لأنه يستجيب لعناد طفل في داخله . فهل من العقل والمنطق أن يسيطر الطفل على الراشد في ذاتنا فندخل في النفق المظلم ؟ تحياتي .