المجتمع الذكوري !
الرجل العربي حرامي ! ويجب أن تقاضيه ! هكذا صرخت المرأة أمام عقلي .. فسألها : لكن أمام من سنقاضيه ؟ فأجابت : محكمة الإنسان الإخلاقية .. لم أسمع بها ( عقلي يسأل ! ) ، فدلتني على دهاليزها وتعرجات مطباتها ، فطلبت توكيلاً منها ( أي المرأة ) من المحيط حتى الخليج ، ويخولني مقاضاته ( أي الرجل ) ، ففعلت .. وفي المحكمة ، وبينما الرجل خلف القضبان ، وأمام القاضي والمدعي العام فهمان .. جرى مايلي :
سيدي القاضي ( الرجل حرامي ! ) أي رجل ؟ ( العربي سيدي ) .. العربي! كلهم ؟ ( معظمهم سيدي ) والتهمة؟ ( سرقة ومصادرة جعبة من حقوق ومهام المرأة ) .. ولماذا ؟ ( كي يهيمن ويسيطر ويجعل المجتمع ذكورياً ) ومتى؟ ( من الماضي ) .. ومن هي تلك أقصد المرأة ؟ .. ( شريكته سيدي ) .. أووه !! تذكرت ، ومنذ متى هي شريكته ؟ ( منذ خروجهم الجنة ) فقط ؟ ( منذ خلقوا من صلصال واحد سيدي ) ألم يتفضل عليها بضلع أعوج ؟ (إسرائيليات مستوردة سيدي ) .. من تقصد ؟ ( آدم وحواء سيدي ) .. حسناً ياعقل ، ومن أعطاها تلك الجعبة المسروقة ؟ ( الإسلام سيدي ) .. ألديك دليل ؟ .. ( القرآن والسنة سيدي ) .. ومازالت بحوزته ؟ (نعم سيدي ) حسناً حسناً .. لكن أضرب لي مثالاً أو الأفضل عدة أمثلة ؟
سرقة سرج الدابة بالماضي صودرت بها السيارة بالحاضر ، وسرقة ماراثون الأدب الخطابي الأنثوي القديم صودرت بساطور الرقيب الذكوري الحديث .. وماذا أيضاً ، أريد أمثلة حية ومن واقعنا ؟ .. حسناً سيدي ، خدماتها في الميداين العامة كالتطبيب والمداواة ، والبيع والزراعة والتجارة في الأسواق وخارج البلاد والرعي وغيرها من أمثلة لاتعد ولاتحصى سيدي ، فكلها صودرت بأسم مصطلح ( الإختلاط ) الذي لم ينزله الله به من سلطان ؟ .... الأختلاط ! .. أتعني إن الإسلام لم يمنع المرأة من مشاركة الرجل في الميادين الحياتية والتجارية ؟ .. نعم سيدي وبموافقة وإشراف الأنبياء والمصلحين، وأستأذنك سيدي أن نستمع جميعاً لهذا الفلم الوثائقي التفصيلي .. تفضل :
مع ُجل إحترامي لكل الأديان .. يبقى دستور الدين الإسلامي المحمدي المتربع على قمة ( هرم حقوق الإنسان ) ، كإنسان ( رجل وإمرأة ) ، وضمن لكلاً منهما حقه منذ بلورته مع بزوغ فجر الإسلام ونزول المشرع ، وحتى أيام صيانته وإنعاشه وتجديده ليلائم عصرنا هذا.. فلقد أوصى الإسلام وحفظ لهما مكانتها وحصة كلاً منهما ، كإنسان شريك وعضيد ومساوي لبعضهما البعض ، بالنصف للرجل وبالنصف الأخر للمرأة ، لذا أصبحا خليفة الله في الأرض ، مع إختلاف الأدوار المنوطة بهما ، والتكليف لكل عضو ، وبما يتلائم ويتناسق مع تركيبة كل شريك الجسمانية والنفسية والبيئية، فقول الله سبحانه وتعالى : ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) ، آي الإنسان ( رجل وإمرأة ) بجنسيه ، ولم يحدد أي شريك محدد للجعل بالخلافة في إدارة كوكب الأرض ، فالأهم من المهم إن يديرها هذا المخلوق المسلح بأقوى وأفضل نعمة ، ألا وهي ( العـقـل ) الذي به يثيب ( أي الله ) وبه يعاقب ! والجعل هو بسط اليد والملكية والقدرة على التحكم بالأرض ، كالسكنى والعمل والتعمير والتزاوج والتكيف ( رجل وإمرأة ) ، وكل هذا بعد أن جعله خليفة ، وأرسل إليهم ( الرجل والمرأة ) الأنبياء والمصلحين كي يرشدوهم إلي الجادة ، وتحذيرهم من الوقوع في فخاخ مكامن الشيطان وجنوده ، ثم جعلهم شعوباً مختلفة ، وبلغات متعددة ، وأمرهم بالتعارف والتعاون والتعايش السلمي رجل وإمراة في قوله تعالى في سورة الحجرات: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) ، فالخطاب هنا موجه للناس جميعاً ، ذكور وأناث ، والجعل للجميع ، وأمرهم بالتعارف والتعلم من التلاقح الفكري والعقلي والتعليمي ( الذي علم بالقلم ) ، وختم الآية الدستورية بإن أفضلهم وأكرمهم ، الأتقى والأعلم منهما .
فصرخ الرجل العربي من وراء القضبان : أنا بريء ! لقد أعطيتها بعض المهام ورفعت لها المقام .. مثل ماذا ؟ ( القاضي ) ، بقضاء وطري أنا معها أنام ، وإذا ُضرب الجـرس فلديها الزمام، أما الطبخ والنفخ والغسيل والكنس فكله تمام .. وأشير إليها هذه زوجتي ، وتشير هي إلي هذا زوجي في المكان العام .. الا يكفي هذا ياقاضي والمدعي العام ؟ أليس هذا ماوصى به الإسلام وسيد الأنام .. ( ؟؟ ) .. إذا أنا بريء ، ويبقى المجتمع ذكوري .