مَنْ يرعى طموحات الشباب ويزيل النظرة السلبية تجاههم؟
ليس غريباً أن يتباكى الشعراء قديماً وحديثاً على مرحلة الشباب، لأنها من ألذ مراحل عمر الإنسان من حيث الإقبال على الحياة والاندفاع نحو المستقبل وأحلام اليقظة اللا محدودة وعنفوان القوة والصحة والشعور بالرجولة الكاملة. فهي مرحلة يأتي الشاب فيها منتقلاً من مرحلة الأخذ الدائم من الطفولة حتى الصبا، فيصل إليها مقبلاً على العطاء والعمل، ونشوة الانجاز ترافقه في كل خطوة لشعوره بهذه النقلة الحساسة من حياته.
يقول علماء الاجتماع عن مرحلة المراهقة والدخول في مرحلة الشباب: " وتتميز هذه المرحلة بأنها مرحلة انتقالية إلى الرجولة أو الأمومة. ويتخطى الأفراد فيها مرحلة التوجيه والرعاية ويكونون أكثر تحرراً ولهذا تحتاج هذه المرحلة إلى عناية خاصة"1.
مهمات لإدارة وتنمية الشباب
من المشاكل الحقيقية التي تواجه الأمم والدول والمجتمعات مسألة "إدارة وتنمية الشباب". هي من الخطورة بمكان بحيث لا تأتي معالجتها بشكل ارتجالي. العقول التي تخطط للشباب ينبغي قبل كل شيء أن تتوازن في نظرتها إليهم، فإزالة النظرة السلبية تجاههم هي الخطوة الأولى للنجاح في إدارتهم وتنميتهم. الخطوة الثانية التعامل معهم كشريحة اجتماعية لها إمكانياتها وظروفها السلبية والايجابية. أما الثالثة فتحديد نقاط ضعفها وقوتها لتدارك الأولى وتعزيز واستثمار الثانية. وفي الرابعة تحديد مسارات تنميتها عبر صياغة المخرجات المطلوبة منها.
إزالة النظرة السلبية للشباب
يعاني الشباب في أغلب المجتمعات من النظرة السلبية لهم من قبل محيطهم أو من قبل رجال الدين أو من قبل الناس الذين يكبرونهم سناً، أو من قبل معلميهم ورؤساءهم. بالطبع لم تأت هذه النظرة من فراغ، بل لها مبرراتها وأسبابها، ولكن تراكمها وانتشارها بحيث تصبح نظرة عامة عنهم، والتعبير عنها بصور مختلفة، لا شك بأنها عملية تؤذي الشباب وتُنفرهم، وبالتالي تزداد فجوة التباعد بينهم ومحيطهم، ومن ثم يصعب فهمهم والتفاهم معهم.
تعتمد النظرة السلبية للشباب على أنهم جيل أقرب للميوعة، لا للرجولة. وأنهم فئة لا تبحث إلا عن اللهو والملذات والشهوات والدوران في الشوارع والأزقة، وأنهم شباب- صياعة- لا ينفعون إلا لـ "الرياضة والكورة"، ميالون للموضة والأزياء والزينة والتزين لا للجدة والاجتهاد. ولدى أصحاب هذه النظرة شواهد وقصص عنهم، ويستشهدون بما تفرزه تلك الحالة من أعمال جنائية وإجرامية جعلت السجون مليئة بالشباب والشابات.
إذا ما تحكمت هذه النظرة بعقول المعنيين بالشباب والمخططين لحاضرهم ومستقبلهم، فإن نتائجها وخيمة جداً. ما نعنيه بالمعنيين والمخططين هم أولئك الناس الذين يتصدون للتعامل مع الشباب والشابات، سواءً كانوا من الناشطين الاجتماعيين، أو المبادرين للأعمال التطوعية، أو المؤسسين والمديرين لمؤسسات المجتمع المدني، أو من رجال الدين والمفكرين، أو كانوا من الجهات الرسمية في الدول كوزارات التخطيط والتنمية والمؤسسات الرياضية...
إذا ما تحكمت النظرة السلبية بهؤلاء فإنهم سينظرون للشباب بعين تطل عليهم من نظارة سوداء لا ترى منهم إلا الجانب الأسود. عندها، ستعمل عقولهم وفق منظور أمني وإرشادي لحمايتهم ولحماية الناس منهم، ومن جانب أخر سينصب جهد التخطيط لهم على المحافظة عليهم أكثر من التخطيط لتنميتهم واستثمارهم. بهذا تكون الخطط عاجزة عن تفهمهم والتفاهم معهم أو عن تنميتهم واستثمارهم، والحصيلة قد تكون خسارتهم كرأسمال أساس للمجتمعات والأمم.