ياعشرة الحزن
دأبّ المؤمنون على شبك العشرة فوق الرؤوس ويصرخون ( واحسيناه ) ، فلا ترى شيعياً على هذه المعمورة إلا وللعشرة الأوائل من المحرم الحرام لها وقع على قلبه وسمعه وبصره وجميع جوارحه ، فلا تنفك مزامير داوود من أن تدوي بإرسال تموجاتها الكئيبة طوال العشرة ليلاً ونهاراً .
فهل لذلك مستند شرعي ؟؟
فهل هذا العمل راجح بهذا العدد بالذات ؟
أي : لماذا لم تكن خمسة أيام ؟ أو سبعة ؟ أو غير ذلك ؟ .
وهل الإحياء للعشرة الأوائل بمنزلة واحدة ؟ أم أن هناك خصوصية لبعض الأيام ؟
نقول :
وردت رواية في مجمل كتبنا الروائية ، منها : كتاب وسائل الشيعة في المجلد ( 10) صفحة 394 حديث 8 باب 66 من أبواب المزار : في خبر إبراهيم بن أبي محمود ، قال : قال الرضا عليه السلام في حديث : ( فعلى مثل الحسين ( ع ) فليبك الباكون ، فإن البكاء عليه يحط الذنوب العظام ، ثم قال عليه السلام : كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكاً ، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى تمضي عشرة أيام ) .
وهذا ظاهر وواضح من أن الإمام الكاظم عليه السلام كان يعتبر العشرة الأوائل من المحرم ( أيام حزن ) ، ومنه جرت عادة الشيعة على إحياء هذه العشرة بجعلها أيام حزن .
وإظهار الحزن في العشرة الأوائل من المحرم تارة يكون بالقول ، وتارة بالفعل :
ومن مصاديق إظهار الحزن بالقول :
- برفع الصوت بالبكاء والمسمى بالنوح .
- البكاء بالصراخ ، المسمى بالعويل .
- البكاء مع تعداد محاسن الميت ، والمسمى بالندب .
وتارة يكون بالعمل أو الفعل .. ومن مصاديقه :
- لطم الوجه : ومستند رجحانه ومحبوبيته تقرير الإمام الرضا عليه السلام لشعر دعبل الخزاعي حينما قال عن فاطمة عليها السلام ( إذا للطمت الخد فاطم عنده ) .
- لطم الصدر .
- جز الشعر من النواصي .
- لطم اليد على اليد .
وغيرها .......
وكلها راجحة على المشهور إما بالنص الصريح كالمتقدم أو بالعمومات كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام ( كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين – ع - ) وكما في خبر آخر ( ويقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه ) وعن الصادق عليه السلام ( ولقد شققن الجيوب ولطمن الخدود ) ( وعلى مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب ) ... وغيرها .
فهذه هي العشرة الكئيبة . ..
فهذه هي العشرة الحزينة ..
فهذه هي العشرة التي تعزف فيها قيثارة الأليم .
فلنغتنمها جميعا – يا أولي الأبصار – ولو بدمعة ، ولو بصرخة ، ولو بكتابة سطر ، ولو برفع علم أسود ، ولو ولو ...