اكتشف منابع حكمتك
إنّ الغاية الأساسية من مشوار الحياة هي البحث عن الحكمة، وليس الثروة كما يعتقد مُعظم الناس، حيثُ تُعد " الحكمة " أسمى وأعمق مراتب المعرفة والبصيرة والفهم، بل وتمدك بأعظم المفاهيم الأساسية من خلال الدروس التي تتعلمها وأنت تطوي سنوات عمرك المديد "بإذن الله".
والحكمة ليست منزلة تُدرك، ولكنها حالة تُستدعى من داخلك، حيث يُولد الإنسان مزوّداً تماماً بكمٍّ لا نهائي من الحكمة المتأصلة في كل البشر دون إستثناء، وما تحتاجه فقط هو الإجتهاد للوصول لذلك المكان الذي في داخلك والذي يصلك بالمصدر الروحي اللامحدود كي تنجح في إستدعاء حكمتك الخاصة بشخصك الكريم والتي تحمل رؤيتك وفلسفتك في الحياة إعتماداً على تجاربك بشقيها الناجحة، أو تلك التي كانت غير موفقة.
وليست الحكمة ذكاء يُكتسب، فلا علاقة لها بحاصل ذكائك العقلي، أو مدى تفوقك الدراسي، إنما هي تمثل أسمى مراتب النمو الذهني والروحي والعاطفي التي يستوي فيها مقدار إجلالك للحدس، والمعلومات، والقدرات، والإلهام والمعرفة، وهي ربطك العميق للأشياء بأنشطتك اليومية، ويمكنك الوصول مباشرة لمنبع الحكمة في داخلك بتوظيف ما تعلمته من دروس طوال حياتك، لأن ذلك يقربك من الوصول إلى " الحقيقة المُطلقة " وكذلك بـ " اللاوعي الجماعي" وهي القوى الكونية التي تربطنا جميعاً كأبناء آدم وحواء، وتصل كلاً منا بمصدر حكمته اللامحدود.
إنّ الأمر جِدْ سهلٌ وبسيط، وهي كالحب تماماً، كلما زاد عطاؤك، زاد في المقابل أخذك، حيث تزداد حكمتك تلقائياً كلما تقاسمتها مع الآخرين من حولك، وتذكّر جيداً بأن الحكمة لا تتحقق بالأقوال بل يتوجب عليك أن تصبغ كافة تصرفاتك وإنفعالاتك بلون حكمتك لا سيما في أوقات الشدّة وتوفر عوامل ضاغطة عليك تدفعك للتخلي عن منظومة قيمك، والإنفكاك عن بصيرتك ووعيك، والخضوع ربما لنظام الحشد سعياً لنيل رضا الآخرين دون مبرر.
فضلاً قم بالتفكير في شخص أعطاك نظرة خاطفة عن الحكمة، واسأل نفسك عن الخواص التي لاحظتها ثم حدِّد ما تريد أن تُحاكيه داخل نفسك، نعم في داخل نفسك أنت، تأكد أنك سوف تكتسب بعض الحكمة في كل مرة تستعرض فيها حياتك من منظور أوسع مانحاً نفسك المساحة الكافية لترى ما يحدث بالفعل خلف الموقف، وليس عند أطراف أصابع قدميك فقط كما يفعل الغير حكماء، أو من لديهم قصور في الرؤية.
مع الأسف هناك الكثير من الناس الذين وفقّهم الله لنيل أعلى المراتب العلميّة، والمراكز القيادية، ولكنهم مازالوا عاجزين عن الوصول إلى منبع الحكمة في داخلهم، وهذا يقلِّل من درجة تأثيرهم في وعائهم الإنساني، ويجعلهم صيداً سهلاً لتقلبات المزاج، وضغط البيئة الخارجية المحيطة بهم، ويفقدهم القدرة على ضبط بوصلة تفكيرهم ويحرمهم من إحتلال المكان المناسب على الخارطة الإجتماعية في مختلف المناسبات والأحداث والمواقف الجسام. تحيّاتي.