البطالة في السعودية في عصر الإعلام الحر
بين احتواء الأزمات، واندلاع الحرائق المجتمعية، التي قد تحرق الأخضر واليابس، تقف طوابير العاطلين عن العمل في المملكة العربية السعودية، أمام أنظار الواعين من الباحثين عن سعادة الناس وأمن الوطن والمجتمع، في عصر التحولات الكبرى، الذي نعيشه اليوم - حيث انفجارات: التقنيات والمعرفة وحرية الإعلام والديمقراطية من جهة، والربيع العربي من الجهة الأخرى -، لتشعل حرقة وألماً إيجابيين، يدفعان في اتجاهات البحث عن وضعٍ أفضل.
وهنا، سنقف منذ اللحظات الأولى لهذا المقال، على رأس تلك المفارقة العجيبة في المشكلة، التي يشير إليها الأستاذ/ راشد الفوزان، في مقالة له تحت عنوان: ( بين حافز والبطالة .. أين الأرقام ؟ )(١). حيث تغيب تلك الأرقام الدقيقة والصحيحة التي يمكن أن يعول عليها. والمفارقة هنا عجيبة فعلاً وغريبة، بين عدد يقارب 1.5 مليون من الرجال والنساء العاطلين عن العمل، وصل عددهم فيما بعد لـ 2 مليون إنسان بحسب أعداد المتقدمين لبرنامج حافز، و 700 أو 750 ألفاً منهم فقط، من المستحقين لمعونة حافز للباحثين عن وظيفة، وهي (٢٠٠٠ ريال) شهرياً فقط لا غير، نصفها مستردة، وصرفها لن يتم إلا بعد ألف شرط تعجيزي وشرط. فهي - وهي أرقام وإحصاءات متقلبة ومتغيرة طبعاً، حتى اليوم - تجعلنا جميعاً نقف هنا أمام تلك المشكلة الخطيرة والحساسة (مشكلة البطالة)، لنتردد كثيراً، قبل التوثيق عبر مثل تلك الأرقام الغامضة والمبهمة والمتباعدة كثيراً. فكم هو بالضبط يا ترى، ذلك العدد الحقيقي للعاطلين عن العمل، الذي يمكن أن ندرس وأن نشخص من خلاله الأزمة حجماً وطبيعةً، والذي يمكن الحديث حوله هنا بصدق، وأن نعول عليه بجدية وواقعية؟. في الواقع: "لست أدري، والله أعلم".
ورغم ذلك الغياب الأعمى، فتبقى الحقيقة الواضحة الماثلة أمام أنظار الجميع هنا في المملكة العربية السعودية، هي أن البطالة وبحسب اعتراف نائب وزير العمل - السابق -، الدكتور/ عبد الواحد بن خالد الحميد(٢) مرتفعة، في بلد يستضيف أعداداً كبيرة من العمالة الوافدة، بحيث تصبح الحكومة هنا، في ظل هذه الحالة، فعلاً بحاجة ماسة لبذل المزيد من الجهود، بل لبذل جهود حثيثة مضنية ومتعبة وحساسة، لمعالجة هذا الوضع الإشكالي الماثل بقوة في واقعنا الوطني، مهما كان الثمن. فالبلد لا يعاني ندرة في الوظائف، ولا شح في الثروات، ولكن، كما قد يقال هنا: فـ "خيرنا لغيرنا"، والوافد "يأكلها وهي والعة". وكأن أهل البلد، الذي يرسل الوافدون خيراته للخارج، قد انتهوا من تحصيل كل احتياجاتهم الضرورية، وأكلوا من خيرات بلدهم الغالي حتى شبعوا منها، بينما هناك الكثيرون في الواقع المرير يعانون بالطبع بشدة، فبعضهم على الأقل وفي أحسن الأحوال بنسب مرتفعة بلا شك بلا سكن، والكثيرون منهم في أوضاع مادية ومعيشية ونفسية يومية متعبة ومرهقة، وأحياناً مزرية، وهم يلهثون خلف لقمة العيش الأساسية، واحتياجات الحياة الضرورية، بما لا يتلاءم واقعاً مع واقع البلد الغني والمقتدر. والسبب الأول في ذلك هنا من وجهة نظري، طبعاً بعد السبب السياسي، وعدم القدرة هنا على التنظيم والتخطيط الجيد، ذي القيمة المهمة هنا بلا شك، هو بصراحة: أننا نحن السعوديون كأفراد أمة، وكجزء فاعل في المعادلة المصيرية للوطن، ومحدد بقوة للحاضر والمستقبل، أمة تعيش في حفرة (الماضي)، وتنهل منه، وتعيش من أجله وبجهله بقوة، حتى اليوم. وبسببه هنا، وبسبب ما كان فيه من حالة جهل واحتراب ونفعية وعصبية دينية وقبلية لازالت معشعشة فينا، لم نرتب بيتنا الداخلي جيداً بعد حتى اليوم، للخروج من حالة التأزم والتردي الموروثة تلك، بسبب حالة الارتهان النفسي والثقافي والفكري للماضي، ولتقاليد وعادات فاسدة وبالية، كاحتقار أصحاب الحرف والمهن اليدوية والتقليل منهم ومنها، والتقليل من قيمة الأنا ومحاربة قيم المصلحة الدنيوية. وأنا أذكر ذلك هنا، من باب المثال فقط لا الحصر، وهو مثال على حالات رافقت مجتمعاتنا طويلاً، بل لازالت حاضرة بقوة في واقعنا حتى اليوم. ولذا مع وجود تلك الحالة، فلا زالت تعم حياتنا وكثيرٍ من نواحيها، فوضى وإرباكات، كثيرٍ من مواريث تلك القرون الأولى السابقة، التي تستتبع ارتهاناً يعزز سيرنا البطيء والفوضوي وحراك سياسي واجتماعي وثقافي قاصر وفاشل ولا مسؤول باتجاه التطوير والتحضر والمدنية، كل ذلك لأننا لم نؤمن بقيم حضارية ومطلبية ناهضة، منبعثة من قيم مصلحية حقيقية، تدفع في اتجاهات التطوير. بل نحن، أو كثيرون منا بالأصح هنا، راضون حتى اليوم طبعاً بذلك الماضي السحيق وبما فيه، وما ورثناه منه، بسبب ارتهاننا له، بحيث يصعب علينا تغيير اتجاهات البوصلة باتجاه النفعية الحقيقية، حيث لا يستطيع الواحد منا هنا - في الإطار العام، حتى اليوم - النظر إلى أبعد من أرنبة أنفه، لفحص الماضي وقراءة تلك الفوضى (غير الخلاقة) التي يسببها، والإرباكات التي نعيشها بسببه، في الحاضر. ولهذا، فالناس هنا، دائماً ما يصفقون لذلك الماضي، وأمجاده المتوارثة حتى يومهم هذا، ويرفعون شعاراته العمياء وبقوة، ظناً منهم أنه الخير والأمل المنشود الذي لا مثيل له، ولا ينبغي أن نحيد عنه!!!.
وهنا بخصوص كثرة تلك العمالة الوافدة في مقابل إشكالية البطالة، فمن الجيد أن المسؤولين في البلد يدركون جيداً وجود الخلل وطبيعة الأزمة. فها هو الرئيس السابق للاستخبارات السعودية، الأمير تركي الفيصل يعترف بالقول أن: " علينا مراجعة خططنا التنموية ليكون مواطننا محورها... وعلينا مراجعة خياراتنا الاقتصادية التي... سمحت بأن نكون سوقاً لعمالة العالم وأبناء بلداننا عاطلون عن العمل"(3). وهذا أمر جيد، بل ضروري ومهم بلا شك، لتجاوز الأزمة.
وبالعودة لأعداد البطالة، وبحسب الفوزان، في مقالته السابقة: "فالغالبية تتحدث عن نسبة 10٪ والحقيقة وفق ما أعلن مؤخرا مقارنة بالقوى العاملة لدينا نحن نتحدث إذا عن 30٪ وليس 10٪". وهنا، بحسب ما صرح به الأمير تركي الفيصل، وما تكشفه تصريحات سابقة للدكتور الحميد، من كون المشكلة هيكلية، وهذا يعني أنها مشكلة إدارة وتنظيم وبنية وتوظيف وتدريب وتأهيل ومحاسبة منتفعين وخلل مجتمعي ثقافي ... وهكذا، لا مشكلة ندرة وظائف، أو معوقات توظيف حقيقية، فنحن إذاً أمام مشكلة وطنية حقيقية تكاد تنفجر، ولسنا أمام واقعٍ صعب لا يمكن الخروج منه، أو لا يجدي الحديث حوله بالنقد بغية المعالجة والتصحيح، حيث لا بد من الاستسلام والإذعان الطوعي والمنطقي له، هذا لو كان واقعاً حياتياً طبيعياً وقدرياً لا حل له.
وهنا إذاً، فإن الذهاب بالأزمة والمشكلة إلى الأدراج، وهو سلوك تقليدي كان موجوداً في الماضي، وجعلها طي الكتمان، أو على طاولة، من قد لا يستشعر المسؤولية، أو قد لا يدرك خطورة الأوضاع الراهنة (ليمتلك شؤون الناس بشكلٍ حصري)، والبلد فيه إن شاء الله الكثيرون ممن هم أهل لتحمل المسؤولية، يجعل الأزمة بلا شك تتفاقم، وتراكم التأزمات في نفوس المواطنين. فقد ولى زمان الصمت الذي يهدئ ويطيب النفوس المثقلة والمريضة من وجع الحياة وواقعها الصعب. ولم يعد هناك مجال للكتمان الذي يبنج المتضررين من المشكلات الواقعية، ليقتنعوا أنه، لم يكن بالإمكان أفضل مما كان.
نعم، في زمان الخلفاء: عمر وعلي وأبو بكر وعثمان، كان من الممكن أن يلقى باللوم على الجار الشبعان، عندما يبيت وجاره جائع، ويمكن أن تلقى مسؤولية نظافة الشارع على العامة، وأن يفهم أن لا يكون من مهام الخليفة توفير الوظائف لعامة الناس ... الخ. فقد كانت الخلافة والرئاسة حينها، في عصر دولة الخلافة، في منأى عن النقد في مثل ذلك الأمر.
أما اليوم، وفي هذا العصر، في عصر الدولة المدنية الحديثة، وأجهزتها المعاصرة، وما تمتلكه من طاقات وإمكانيات هائلة، وما يتوجب عليها من مسؤوليات تبعاً لذلك كبيرة، فقد اختلف الأمر كثيراً، بحيث أصبح كل شيء تقريباً من الألف إلى الياء، معلقاً في رقاب الحكومات، التي لا يمكنها التخلص أبداً من مسؤولياتها المعاصرة. فقد غزى التطور والتطوير كل أجزاء الدولة، وأركان الحكومة.
لقد كان التعليم في الماضي في المملكة العربية السعودية، بيد أشقائنا العرب. وكان المواطن السعودي، الذي يمكن أن تشاهده عامل بناء أو خبازاً أو عامل نجارة أو حداداً أو مزارعاً بسيطاً، نادراً جداً في هذا القطاع. ثم أصبح المواطن السعودي، عنصراً مسيطراً على كامل قطاع التعليم، بكل مدارسه وإداراته. فمن النادر فعلاً اليوم، أن ترى معلماً أو موظفاً في التعليم، غير سعودي.
وكذلك في القطاع الصحي. فهاهم السعوديون مع مضي الوقت، يحتلون مواقعهم المناسبة في تلك الأجهزة الصحية، بشكلٍ مستمر ومتسارع، وهو حقهم طبعاً، مع حفظ كامل الاحترام لبقية الأشقاء العرب والمسلمين خاصة والبشر عامة، ليتم إفراغها تدريجياً من غير السعوديين من إخوانهم العرب والمسلمين وغيرهم، حتى في مجال التمريض، والنسوي منه خصوصاً، الذي طالما وقف المجتمع السعودي منه موقفاً حاداً وسلبياً، بينما أدركت الحكومات ببعد نظر، ضرورات أن تخطوا هنا، قدماً.
إن السعودة التي نشهدها اليوم، والتي ربما لم تعجب البعض منا بشكل مغلق، بعيد عن أصول النقد واللعبة الواقعية الموضوعية، إنما هي عمل إجباري، أخذه ويأخذه المجتمع السعودي، بشكل قسري لا اختياري، وسيستمر فيه حتى تكتمل حلقاته عاجلاً أو آجلاً، شئنا وشاء المخلصون والوطنيون من أبناء هذا الوطن، أم أبينا نحن، أو أبى أولئك النفعيون والمهملون والمتملصون المتمصلحون، الذين لا يهمهم الوطن. وهذا لا يعني أن السعودة طبعاً ينبغي أن تبدأ بالسعودي من أقل المهن، وغيره من الوافدين ينعم بخيرات البلد وأفضل الأعمال والوظائف، لكن المعني أن عجلات السعودة ينبغي أن تدعم وأن تتقدم، ليغزوا السعودي مختلف أنواع المهن، فهذا هو ما سيصنع قوة ومنعة وحصانة واقتدار الوطن.
وإنا أدرك من وجهة نظر شخصية هنا، أن الحكومات في هذا العالم، هي الأكثر وعياً ونضجاً غالباً، من حيث قدرتها على قراءة ومراقبة وملاحظة الأزمات والأحداث العامة، وما هو ضروري من خطوات، وما هو ملائم لما هو مقبلٌ من أيام على الساحة السياسية والعامة، من عامة الناس وأصحاب القرارات الشخصية والاهتمامات الفردية، وإن لم تكن القرارات والإجراءات المناسبة والجيدة والمطلوبة، هي المتخذة دائماً من قبل تلك الحكومات والجهات الرسمية، وإن لم تكن الحقوق المشروعة والواجبات دائماً، في موضعها الملائم والمناسب من الاهتمام. لكن، ينبغي الاعتراف والإقرار أحياناً هنا أقلاً، أن هناك قدراً من الجودة والحكمة المطلوبة، التي تمتلكها الحكومات في بعض قراراتها، تغيب في نفس الوقت أحياناً أقلاً، عن وعي وفهم العوام والجماهير المؤدلجة دينياً خصوصاً، ما يدعو لضرورة التواضع من قبل بعض العوام، لنضع في دائرة المسؤولية، واجب السعي للفهم وترك الشخصانية والأنانية، غير الواقعية وغير الواعية، وكذا لنترك الانفعال والاستعجال. وهنا في ظل ذلك، فمملكتنا الحبيبة بحكومتها الرشيدة، هي جزء من هذا العالم السياسي الكبير، المليء بضجيج العوام، وآلام الفقراء، وحكمة العلماء والمفكرين، من جهة، وبوعي السياسيين بشكل مميز، من الجهة الأخرى، بطبيعة تلك المشكلات والأزمات الماثلة غالباً في هذه الحياة. ولذا فأتمنى هنا، أن نرتقي جميعاً لفهم الأزمات من خلال الفهم العام والشامل، الذي ينظر ويتعامل من خلاله السياسي، لا من خلال مصالحنا ومشاعرنا المحدودة والضيقة والشخصية غير الناضجة والمبنية على الأوهام، التي تعبر عن واقع ونزعة العوام. ومسألة البطالة هنا، هي نموذجٌ على هذا الأمر الحياتي، وما يلاحقه من تعقيدات، وما يتطلبه من وعي وعمق وفهم.
ورغم ذلك التوضيح في هذا الجانب، إلا أن المسألة معقدة ومتشابكة ومتداخلة بشكلٍ أعمق، فهي ذات عمقٍ زمني مادي تاريخي أيضاً، وقد تراكمت بإشكالاتها ونمت هنا، على مر السنوات والأعوام. فمشكلة البطالة ليست مسألة الحاضر وحده الذي نعيشه اليوم، بل والماضي أيضاً بكثيرٍ من إشكالاته. فالماضي الذي لم يتم فيه حل الكثير من المشكلات، لازال حاضراً فينا وفي حياتنا بقوة، ومشكلة الإسكان المؤرقة لنا جميعاً بالفعل بالمثل. فمن توفر لوالده مسكن بالأمس، ربما وفي الأغلب قد توفرت له على الأقل شقة صغيرة في هذا اليوم. ومن توفرت لوالده وظيفة محترمة بالأمس، فربما كانت هي سبب وظيفته، أو سعادته على الأقل، في هذا اليوم. وهذا يعني أننا نعيش تراكمات الماضي، وقد نخلف للمستقبل أيضاً وللأجيال القادمة، تراكمات أخرى مضرة وخطيرة وحساسة، ربما تنفجر يوماً ما.
والخلاصة هنا، هي أن الأزمات تتوالد وتتكاثر، وينجب بعضها بعضاً، حتى تثمر أزمات حادة. والحلول والجهود الخيرة والمثمرة، كذلك أيضاَ بالمثل، حتى تثمر سعة وخيراً للمستقبل. ونحن قد راكمنا للأسف، الكثير من العيوب والأخطاء والسلبيات، على مر السنوات والأعوام، والقرون السابقة.
وهنا تقع خطورة التراكمات. وفوق خطورة هذا الركام والتراكم من الأزمات، فإننا أيضاً أمام واقعٍ أكثر خطورة وأكثر رعباً، فالإعلام الحر اليوم بات محركاً ومنشطاً ومولداً للأزمات، ولم يعد الصمت والمداورة بالمصطلحات والأفكار والمعلومات، هي هي كما كانت في الماضي، أمراً مستساغاً أو مجدياً في تخفيف المشكلات وجلب الرضى والصمت وحل الأزمات ولو ظاهراً. فالناس يمتلكون اليوم، ألسنة ومنابر عالية ومؤثرة، ويؤجج بعضهم بعضاً هنا، عبر إمكانات ومنابر اليوم. وهذا يدفع باتجاهات، ضرورة استشعار وممارسة، المزيد من الدور الفاعل، والمسؤولية والإيجابية.
ومن منطلق الوطنية هنا، فمن الحكمة أن نعي هنا طبيعة هذا العصر، وأن نسارع باتجاه المشاكل العالقة الحاضرة والموروثة، لنتجه عبر المصارحة والنصيحة الصادقة والتخطيط والتفكير الجمعي لحل الأزمات بما يتلاءم مع العصر. فنحن لا نبحث واقعاً بالتأكيد عن أزمات وأزمات متوالدة وفرقعات، ولا عن فوضى، ولا عن خراب لا قدر الله، كما يفعل بعض العوام والحمقى. لكن نبحث عن ديمومة السلم الذي عهدناه طيلة الفترات والمراحل السابقة، مع مزيدٍ من العز والكرامة والمسؤولية واحترام إنسانية الإنسان، وعن مزيدٍ من الرقي والتحضر والرفاه، الذي يجاري بشكلٍ ملائم ما تشهده المعمورة من رقيٍ وتحضر، وهو مما يحتاج منا وعياً بالعصر ومزيداً من الحس بالمسؤولية واستشعار مآزق الضعفاء وأصحاب الحق، كي لا ننجر ناحية المزيد من الاحتقانات والفتن، ومن الاحتقانات والفتن لا قدر الله، إلى الخراب والدمار، وهو ما لا نتمناه.
ونحن نسأل الله في الختام هنا، ونحن ندرك أن التاريخ، لم يخل أبداً من المشكلات والأزمات والخلافات، وأن الدول لم تخل أبداً من الظلم والفتن، حتى في أزمنة الأولياء، وأن ذلك سيستمر - غالباً - وإن بنسب متفاوتة، في مختلف الأزمنة، ومختلف الدول، أن يحفظ لنا سبحانه جميعاً، هذا الوطن الغالي، كتلتنا الوطنية المصلحية الواحدة، وأن يلهم أبناءه ومسؤوليه، ما فيه خير الجميع، وأن يوفق الجميع لما فيه الخير والرشاد والصلاح ... إنه هو السميع المجيب الدعاء.