التخطيط لخلق الولد الصالح
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين ، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين وبعد.....
هل تسعى وتخطط للإنجاب ....؟ وهل تهدف لاختيار الخلف الطيب ....؟ ، وهل تتمنى من هذه البذرة التي تضعها في موضعها أن تعود إليك بالثمرة الطيبة في الحياة وبعد الحياة.....؟ هل تريد أن تصل بهذه النطفة الكريمة إلى السمو والرفعة....؟.
لكل من هو مقبل على هذا العمل من المتزوجين وكذلك المقبلين والعازمين على الزواج ، وإلى كل من يعاني من أذى وألم وحرقة الإعاقة من حوله ، وإلى من يريد بإذن الله الاجتناب من فتك الإعاقة له ولأحبائه ، إليك عزيزي القارئ بعض ما نقل عن مولانا أمير المؤمنين ليعطيك بعض المناعة إنشاء الله ، علما بأن هناك أمور وراثية حتى الطب عجز عن علاجها ، وهنا نحن نتطرق للأمور الطبيعية فقط.........
يقول المولى جل شأنه (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [1] ، ويقول مولانا زين العابدين عليه السلام ((وأما حق ولدك فتعلم أنه منك ، ومضاف إليك ، في عاجل الدنيا بخيره وشره ، وإنك مسئول عما وليته من حسن الأدب ، والدلالة على ربه ، والمعونة على طاعته فيك وفي نفسه ، فمثاب على ذلك ومعاقب ، فاعمل في أمره عمل المتزين بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا، المعذر إلى ربه في ما بينه وبينه بحسن القيام عليه ، والأخذ له منه ، ولا قوة إلا بالله...)) [2] .
الآية ) الامتداد الطبيعي لحياة أبيه ، وهو استمرار لوجوده ، فهو بعضه بل هو كله كما قال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ، في وصيته لولده الإمام الحسن الزكي عليه السلام: وَجَدْتُكَ بَعْضِي، بَلْ وَجَدْتُكَ كُلِّي، حَتَّى كَأَنَّ شَيْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِي، وَكَأَنَّ الْمَوْتَ لَوْ أَتَاكَ أَتَانِي، فَعَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِينِي مِنْ أَمْرِ نَفْسِي.. ) [3]
الأولاد هم جمال ومتعة الحياة ، وهم فلذات الأكباد ، بل هم قرة الأعين ، وقد قال الله تعالى في محكم التنزيل : الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ..... الآية ) [4] وتحدثت الآية الكريمة عن المال أولا ثم الأولاد ، وكلنا يعلم كيف حب الناس للمال....!!! ، وقد نضحي بأعز ما نملك من أجله ، ولاكنا هنا لسنا بصدده ، وغايتنا هنا هو صلب موضوعنا وهو خلق الأرضية المناسبة لخلق الذرية الصالحة.
وبالعودة للآية الكريمة التي اعتبرت الأولاد من مصادر الزينة ، ومصداق الزينة هو ما يتجمل به الإنسان ليرُى أمام الناس ، وهذا ما يعكسه الأولاد على أهليهم وذويهم ، ولا فرق هنا بين الذكر والأنثى ، بل هم على حد سواء ، فبما أنهم زينة الحياة ، ومصباح السعادة ، بهم تضاء وتنور وتسعد حياة الوالدين ، وكذلك بهم تعمر البيوت وتأنس.
وهنا نقارن قول الباري جل شأنه ، حيث قال في الآية المذكورة مسبقا ، أنه خلق الإنسان في أحسن تقويم ، أي في أجمل الصور وأتقنها ، ومن جهة أخرى هناك البعض يعاني من ألم الإعاقة الخلقية في نفسه وأبناءه ، كما أن هناك العديد من الظواهر السلبية في الخلقة ، وهذا الكلام يتناقض مع كلام الباري عز وجل ، ونحن نعتقد أن كلام الله منزه عن ذلك ، بل لا يأتيه الباطل بأي حال كان ، إذا ...!! ، ما هو السر في ذلك ..؟ ، وهل هناك سبب آخر يفسر مثل هذه العاهات ، ويحل هذا التناقضات الغريبة ....؟
نعم ...!! ، مدرسة أهل البيت ومنهجها منهج متكامل في جميع جوانبه وأبوابه ، ولا يعتريه الخطأ والنقص ، لأنه امتداد لشريعة القرآن ، ومأخوذ من سيد الرسل مباشرة ، فرسول الله من وضع هذه اللبنة لهذه المدرسة ، وهي بذاتها وضعت هذه الأسس والبنود لجميع احتياجات الحياة حتى قيام الساعة ...، فمن اهتدى لهذا العمل وعمل به وفق للخير والصلاح ، ومن ابتعد فهذا شأنه ويتحمل ضريبة ابتعاده ، فقد أعدت هذه المدرسة منهجا خاصا متكاملا لتفادي مثل هذه الحالات واجتنابها ، ووضعت أسس التعامل وطريقة العلاج .....
ولننظر هنا لبعض هذه البنود ، وهي بشكل وصايا من رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ينقلها كتاب مكارم الأخلاق للشيخ الطبرسي عليه الرحمة ) [5] ، وهي توصيات لنا عن طريق مولانا أمير المؤمنين ، وأمير المؤمنين طاهرا معصوما ، ارتفع بإيمانه إلى الإيمان الحقيقي والعبودية المطلقة الخالصة ، التي عرج بها إلى المقامات النورانية ، واستخدام المصطفى هذا الأسلوب التعليمي من باب إياك أعني واسمعي يا جاره ، ومنها نفهم مدى اهتمام مدرسة أهل البيت بمثل هذه الظواهر ووضع الحلول لها من أساسها ، وإليك بعضها كما روي:
روي عن أبي سعيد الخدري قال: أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال:
• يا علي إذا أدخلت العروس بيتك فاخلع خفها حين تجلس ، واغسل رجليها وصب الماء من باب دارك إلى أقصى دارك فإنك إذا فعلت ذلك أخرج الله من دارك سبعين ألف لون من الفقر وأدخل فيها سبعين ألف لون من الغنى وسبعين لونا من البركة وأنزل عليك سبعين رحمة ترفرف على رأس عروسك حتى تنال بركتها كل زاوية في بيتك وتأمن العروس من الجنون والجذام والبرص أن يصيبها مادامت في تلك الدار. وامنع العروس في اسبوعها من الألبان والخل والكزبرة والتفاح الحامض من هذه الأربعة الأشياء، فقال: علي (عليه السلام): يا رسول الله ولأي شئ أمنعها هذه الأشياء الأربعة..؟ ، قال: لان الرحم تعقم وتبرد من هذه الأربعة الأشياء عن الولد. والحصير في ناحية البيت خير من امرأة لا تلد.
فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله ما بال الخل تمنع منه؟ قال: إذا حاضت على الخل لم تطهر طهرا أبدا بتمام. والكزبرة تثير الحيض في بطنها وتشد عليها الولادة. والتفاح الحامض يقطع حيضها فيصير داء عليها.
• يا علي: لا تجامع امرأتك في أول الشهر ووسطه وآخره، فإن الجنون والجذام والخبل يسرع إليها وإلى ولدها.
• يا علي لا تجامع امرأتك بعد الظهر، فإنه إن قضى بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول، والشيطان يفرح بالحول في الإنسان.
• يا علي : لا تتكلم عند الجماع، فإنه إن قضى بينكما ولد لا يؤمن أن يكون أخرس ، ولا ينظرن أحد في فرج امرأته وليغض بصره عند الجماع، فإن النظر إلى الفرج يورث العمى، يعني في الولد.
• يا علي: لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك، فإني أخشى إن قضى بينكما ولد أن يكون مخنثا، مؤنثا، مخبلا.
• يا علي: لا تجامع امرأتك إلا ومعك خرقة ومع أهلك خرقة ولا تمسحا بخرقة واحدة فتقع الشهوة على الشهوة، فإن ذلك يعقب العداوة بينكما، ثم يؤذيكما إلى الفرقة والطلاق.
• يا علي: لا تجامع امرأتك. من قيام، فإن ذلك من فعل الحمير، وإن قضى بينكما ولد كان بوالا في الفراش كالحمير [البوالة] تبول في كل مكان.
• يا علي: لا تجامع امرأتك في ليلة الفطر، فإنه إن قضى بينكما ولد لم يكن ذلك الولد إلا كثير الشر.
• يا علي: لا تجامع امرأتك في ليلة الأضحى، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون ذا ستة أصابع أو أربعة.
• يا علي: لا تجامع امرأتك تحت شجرة مثمرة، فإن إن قضى بينكما ولد يكون جلادا، أو قتالا، أو عريفا .
• يا علي: لا تجامع امرأتك في وجه الشمس وشعاعها إلا أن يرخى ستر فيستركما، فإنه إن قضى بينكما ولد لا يزال في بؤس وفقر حتى يموت.
• يا علي: لا تجامع امرأتك بين الأذان والإقامة، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون حريصا على إهراق الدماء.
• يا علي: إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلا وأنت على وضوء، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون أعمى القلب، بخيل اليد.
• يا علي: لا تجامع أهلك في ليلة النصف من شعبان، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون مشوها ذا شامة في شعره ووجهه.
• يا علي: لا تجامع أهلك في أخر الشهر إذا بقي منه يومان، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون عشارا أو عونا للظالم ويكون هلاك فئات من الناس على يديه .
• يا علي: لا تجامع أهلك على سقوف البنيان، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون منافقا، مرائيا مبتدعا.
• يا علي: إذا خرجت في سفر فلا تجامع أهلك تلك اليلة، فإنه إن قضى بينكما ولد ينفق ماله في غير حق. وقرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ' إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين.
• يا علي: لا تجامع أهلك إذا خرجت إلى سفر مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون عونا لكل ظالم.
• يا علي: عليك بالجماع ليلة الاثنين، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون حافظا لكتاب الله، راضيا بما قسم الله عز وجل له.
• يا علي: إن جامعت أهلك في ليلة الثلاثاء فقضى بينكما ولد فإنه يرزق الشهادة بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولا يعذبه الله مع المشركين ويكون طيب النكهة من الفم، رحيم القلب، سخي اليد، طاهر اللسان من الغيبة والكذب والبهتان.
• يا علي: إن جامعت أهلك ليلة الخميس فقضى بينكما ولد يكون حاكما من الحكام أو عالما من العلماء.
• يا علي : إن جامعتها يوم الخميس عند زوال الشمس عن كبد السماء فقضى بينكما ولد فإن الشيطان لا يقربه حتى يشيب ويكون فهما. ويرزقه الله عز وجل السلامة في الدين والدنيا.
• يا علي: إن جامعتها ليلة الجمعة وكان بينكما ولد فإنه يكون خطيبا [قوالا] مفوها. وإن جامعتها يوم الجمعة بعد العصر فقضى بينكما ولد فإنه يكون معروفا، مشهورا، عالما. وإن جامعتها في ليلة الجمعة بعد العشاء الآخرة فإنه يرتجى أن يكون لك ولد من الابدال إن شاء الله تعالى.
• يا علي: لا تجامع أهلك في أول ساعة من الليل، فإنه إن قضى بينكما ولد لا يؤمن أن يكون ساحرا مؤثرا للدنيا على الآخرة.
يا علي: احفظ وصيتي هذه كما حفظتها عن أخي جبريل (عليه السلام.، صدق رسول الله ولكم.ما نمتثل هذا المنهج الرباني الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله ، يكون بإذن الله سبحانه وتعالى مانعا عن كل هذه العاهات الخلقية بجميع أنواعها ، وعلى المرء أن يتوكل على الله والباقي عليه سبحانه وتعالى فهو الخالق والرازق والمعطي ، دورك هو الوقاية وذلك بطرق الباب الصحيح والتخطيط السليم والمبرمج حسب الإرشادات المحمدية ، وبعدها تأمل من الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لهذا الخلف بالمواصفات الطيبة والمنشودة والتي يتمناها كل أب في ولده .
ولماذا كل هذا التخطيط ..؟ ، فنحن نختار اليوم المناسب من النواحي الشرعية لكتب الكتاب , وكذلك نختار اليوم المناسب والوقت المناسب من ناحية الاستحباب الشرعي للدخول على الزوجة ، وكل هذا لكي نحظى بالبركة والتوفيق في هذا الزواج للعمر كله ، وكذلك عندما نخطط لولي العهد المقبل أو الذرية يجب أن نسعى بنفس المنوال وعلى نفس الوتيرة ، والتوفيق بيد الله سبحانه وتعالى .
والاهتمام الجدي بهذا الخلف الذي لم يخلق بعد ، هو لخلق الأرضية والقاعدة القوية لتأهيله لكي يشرف بالمواصفات التي نتمناها ، طبعا لأنه سيكون الممثل الشرعي لنا ، والمكمل لمسيرتنا في الأجيال القادمة ، ونريد فيه كل الكمال والمزايا الطيبة والخير والبركة ، ففي الدنيا وهو بيننا يكون لنا كالريحان [6] نشمه ونسعد به ، وينير دروبنا وهو مفخرتنا وعنوان حياتنا ، وبعد مماتنا هو الولد الصالح الداعي لنا والمترحم المستغفر لنا ، وفي الآخرة يكون شفيعا لنا وذخرا وذخيرة.
آملين من الله أن نوفق لهذه المفاهيم والعمل بها .
هذا واستغفر الله لي ولكم .