نَفَسُ عِصَامٍ سَوَّدَتْ عِصاما
أهلا بأمة أنجبت الشهداء.. وسارت على خطى الشهادة، كل أمة لا ترهب الموت هي أمة عزيزة كريمة مرفوعة الرأس، ولم يكن صاحبنا في هذه المرّة بعيداً عن الحراك المطلبي والحقوقي الذي تكفله المواثيق الدولية، كيف لا يكون عصاماً سيداً وشهيداً وهذه أنامله تخط درب الشهادة، إذ كتبت يراعته في صفحته الخاصة قبل شهادته : " متى ستضجُ القطيف بخبر (استشهادي) اللهم أجعل هذا اليوم قريب "، وتحققت نبوءة الشهيد، فهاهي القطيف تضج عن بكرة أبيها، منددة بهذه الطريقة البشعة التي أوغلت في جثمان ضحية بريئة مسالمة، أما علمت أنه لا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها " ؟!، ولكنه الحقد والدناءة، أولم يمثل صاحبهم بجسد الحمزة سيد الشهداء، أولم تلوك البغية كبده الزكي الطاهر؟!، هكذا يعيد التاريخ نفسه بأبشع الصور، وأقذر الأفاعيل التي يندى لها الجبين !!
تناقلت المنطقة بل العالم بأسره خبر مصرعه المؤلم، كاستعار النار في الهشيم، لم نكن نعلم ماذا يجري؟!، سوى طلقات النار المتواصلة وكأننا في معركة تشنها (تل أبيب)، وما هي إلا لحظات حتى سمعنا بخبر الفاجعة، إن هذه الدماء وقود في عروق الشعوب التي تطالب بعزتها وكرامتها، ولن تهدأ المطالب المحقة، والإصلاح يعزز بدماء الشهداء الأبطال الأوفياء، دقائق قليلة حتى انطلق الطيبون يزفون خبر الشهادة لأهله الكرام : " فاز الشهيد ونال العز والشرفا "...
أي شرف بقي لمن يريق دماء الآمنين؟! أي شهامة لمن يرشق المسالمين بوابل رصاص الظلم والعدوان، السكوت لن يكبح جماح هذه المذابح السافرة التي لا تتوقف، لن يجدي حلاً هذا الصمت في قبالة السفاح الذي لا يحجزه عن محارم الله خوف ولا خشية، شاب ربيعي العمر يضرج بالدماء ويزف للجنان في كل شهر، فهل تعود كربلاء الخليج إلى قطيفنا الغيور؟!، أين الوجهاء البواسل ممن ينادون بالتهدئة، لم تجف دماء الشهداء الأبرار بعد، إنها سلسلة من الشهادات التي نفخر بها، فهنيئاً لشهدائنا روض الفردوس، والجماهير ستعلن تضامنها مع كل قطرة دم بريئة تطالب بحقوق العباد والبلاد، فشلالات الإرادة لا تقف أمام فوهة بندقية ولا مدفع..
تلك الطلقات ما هي إلا نجوم ونياشين يطرز بها جثمان الشهيد العزيز، وهل نقول فيه إلا مكان يقال في أمثاله : " نَفَسُ عِصَامٍ سَوَّدَتْ عِصاما.. وَعَلَّمَتْهُ الكَرَّ وَالإقْدَامَا.. وَصَيَّرَتْهُ مَلِكاً هُماما "، فالهمة العالية التي تتدفق في عروقه كانت مصوبة نحو وشاح العز والكرامة المطلية بدماء الشهادة الغراء، فهنيئاً لعصاميتك يا عصام..