حذاري من ( الثلاثية البغيضة )
ليس بمستغرب أن تسود سياسة التجويع النظام العالمي الجديد أو القديم ، وأن تكون تلك السياسة اللاإنسانية جزءاً من الأساليب والأدوات التي تستخدمها بعض دول المركز على بعض دول المحيط حتى تظل رهينة لها وتدور في فلكها دون أن تملك حولاً ولا قوة في تحديد سقف نموها وتطورها ، وخروجها من شرنقة الدول الإستهلاكية والمستوردة المعتمدة بشكل مطلق على الغير ، إلى آفاق الدول المنتجة والمصدرة المتطلعة إلى الإستقلال الإقتصادي الذي يُعد العمود الفقري في تحقيق الإستقلال والإعتماذاتية ، وكما يقول مذهب مدرسة التجاريين وهي أحدى مدارس علم الإجتماع الإقتصادي : ( إن وجود ثروة عند أمة ما ، إنما يعكس ضعفاً عند الأمم الأخرى ) إضافة لما يقرره العالم الإقتصادي ( آدم سميث ) في الكثير من اطروحاته ورؤاه في ذات المجال .
كما استهللت هذه المقالة فإن الإنسان يتفهم أن تمارس ( الدول الحمقى !! ) سياسة التجويع على دول الفقر والعوز والفاقة لتتحكم في مصيرها ، بل وتبيح لنفسها أن ترفع الكرباج في وجه أي منها عندما تحاول الإستقلال الإقتصادي المشروع عنها ، أو التغريد خارج السرب التابع لها ، أو السباحة في فضاء لا يقع ضمن حدود فلكها وهو ما يُسمى بسياسة ( العصا والجزرة ) ، ولا تكتفي بذلك بل تعمل ( إن إستعصى عليها إخضاعها لإرادتها ) على تجييش العالم الموالي لها ضدها وتكوين ( لوبي ) عالمي لمحاصرتها وعزلها وقطع كل مقومات البقاء والإستمرار عنها لخنقها وتطويعها بعد أن يتم تركيعها وكسر إرادتها وإجبارها على العودة إلى بيت الطاعة العتيد .
إنما مالا يصدقه عقل ولا يقبله منطق ، ويتنافى مع أبسط معايير المسؤولية التربوية ، والكرامة الإنسانية . أن نجد من بين : الآباء والأمهات ، والأزواج ، والمدراء ، والمشرفين ، والمدربين ، والكافلين ، والقيِّمين ، من يتخذ من هذه ( الثلاثية البغيضة ) وسيلة للسيطرة وبسط النفوذ ، وأداة للإصلاح والتربية . دون أن يعلم ( هذا المربي الجليل ) أي حماقة يرتكب ، وأي جُرم يأتي ، وفي أي كارثة يتسبب . إنه إستنساخ غير مشروع لأساليب الإدارة السياسية ( المتسلطة ) التي لا تعرف الرحمة ولا الهوادة ، ولا تتحلى بالحس الإنساني النبيل ( فمن لا يطيعني ويرضخ لإرادتي فهو ضدي !!! ) .
أستأذنكم للعودة إلى العدد ( 13133 ) من جريدة اليوم الصادر يوم السبت 1430-06-06هـ الموافق2009-05-3 م في صفحة ( اليوم السعودي ) لأورد الخبر ( المُحزن ) التالي :
جعفر الصفار – القطيف : (( قالت أخصائية اجتماعية أن ( المنطقة الشرقية ) تعد الأعلى في قضايا الانتحار حيث سجلت أعلى نسبة على مستوى المملكة العام الماضي .و أضافت الأخصائية أزهار العباس أنه بحسب إحصائية غير رسمية تستقبل مستشفيات القطيف أسبوعياً ما بين حالة وحالتي انتحار معظمها لفتيات مراهقات تتراوح أعمارهن ما بين 14 و22 عاما، مشيرة إلى أن حالات الانتحار التي تشهدها مختلف مناطق المملكة بشكل شبه يومي أصبحت ظاهرة تستدعي تشخيص أسباب انتشارها بين فئات معينة من أفراد المجتمع والنظر في الحد منها بقدر الإمكان .
وقالت العباس إن 35 بالمائة من حالات الانتحار تعود لأسباب نفسية مثل الاكتئاب وحالات الاضطراب الشخصية، وان 65 بالمائة من الحالات ترجع إلى أسباب اجتماعية مثل الظروف المادية أو الاقتصادية المحيطة بالأسرة أو لأسباب تتعلق بالدراسة, أو الفشل في العمل، لافتة إلى انه في اغلب الحالات يحاول المنتحر لفت الانتباه بتناول جرعات زائدة من العقاقير الطبية أو مواد التنظيف المنزلية لأسباب وضغوط نفسية أو خلافات أسرية منها التضييق على الفتاة أو الشك فيها أو عدم تفهم الأمهات لبناتهن وافتقاد العاطفة أو التحرشات الجنسية ))
إن الشاهد الذي أريد أن أعزز به هذه المقالة من خلال الإتيان بهذا الخبر المؤسف والمُريع هو : ( تجلية الأسباب التي تقف وراء هذه الكارثة ، والتي ترجع معظمها إلى القهر النفسي والفيزيقي الذي يتعرض له الأبناء من الوالدين أو سواهما ) الأمر الذي يدفع بهم إلى اللجوء ( لفكرة الخلاص ) وكأنهم يقولون : ( إن في إنتحارنا راحتنا ) والخلاص من حالات التجويع بكافة انواعه وأخطرها ( التجويع العاطفي ) للتطويع والتركيع ، وغياب لغة الحوار ، وسيطرة نمط الأسرة الأبوية على أشكال الأسرة العربية . وتعويق مسألة ( الفطام الإجتماعي ) الذي يمثل جسراً متيناً لتنمية الشخصية وتحقيق الذات .
أيها السادة : حاوروهم إن كانوا أبناء ، أو موظفين ، أو عمال في مصانعكم ، أو لاعبين في أنديتكم ، أو خادمين في منازلكم ، أو سائقين لعائلاتكم ، أو بائعين في بقالاتكم ، أو منظفين أمام منازلكم . أو مزارعين في حدائقكم ، إنهم أُناس مكرمون مثلكم وللتأديب قواعده وأساليبه التي تحقق الإصلاح دون دفعهم ( لفكرة الخلاص ) حفظكم الله ورعاكم وهدانا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه ،،،