حنان

 

نثرت حنان أفراحها في كل زوايا المسكن .

كما نثرت ورود الربيع المتفتحة عطرها في حديقة مسكنها .

 حلقت حنان مع روائح ورود حديقتها .

وخاطبت الفراشات , وغردت مع العصافير .

هرولت نحو أوراقها لتسجل ولادتها وأحاسيسها الرقيقة .

التقطت قلمها بأناملها الرشيقة .

 وبكلماتها الناعمة قالت للقلم : خط كل أفراحي .

وركض في بساتين سعادتي , ونهل من ينابيع بسماتي .

وردد القلم وهو في ذهول ماذا تقولين يا حنان ؟

قالت حنان : اليوم تتفتح الورود بعد انسحاب الشتاء , وركود الغيوم .

اليوم تملأ الزهور الدنيا بروائحها العطرة .

واليوم انسحبت أحزاني , واندملت جراحاتي التي لازمتني .

ولم أرى معها ربيع فشتائي طويل بسنوات عمري .

قال القلم : لا زلت قطرات حبري لا تفهم ؟

أشرق وجه حنان بإبتسامته وقال : حل الربيع في عمري بعد الليل الحالك .

قال القلم : ما سر هذا التبدل المفاجئ ؟

قالت حنان : عدم اليأس من الله سبحانه وتعالى , وكثرت التضرع والدعاء .

فُتحت أبواب السعادة والهناء على مصراعيها .

تعالت من القلم ضحكات ممزوجة بالصخرية والاستهزاء!!!

ماذا أدون يا حنان كلمات ... أفراح ... ؟

قالت حنان : نعم لحظاتي الجميلة .

ولادة البهجة والسرور .

نفض القلم الحبر وقال : رافقتك منذوا بدأت أناملك في جر الحروف .

ولم تكن إلا حروف سوداء موشحة بالحزن , ممزوجة بالألم , متسربلة بالسواد .

كل قطرات حبري كانت تحمل كل معاني الحرمان والانكسار والآن ..... ؟

قاطعت حنان القلم وقالت : والآن ما ذا ؟

بعد أن سحب القلم الحبر قال : الآن لا أستطيع أن أغير السواد بالأبيض .

فقد اعتادت قطراتي على العبوس , ولا طاقة لها على الإبتسامة .

حلقت حنان بإبتسامتها نحو المستقبل فوق السحابة البيضاء .

وقالت : بدل حروفك وكلماتك . انثر البهجة والأمل .

قال القلم : بعد أن طبعت على رؤوسي الأحزان , وجرت الألآم في أنابيب  حبري .

 وخالطت قطراتي الحرمان , لن أسير إلا  في دروب الآهات , فهو دربي ولم أعرف غيره .

 قالت حنان : انظر إلى الربيع إلى الحياة المشرقة وولادتي من جديد . اليوم أبصر الفرح .

قال القلم : واليوم أنا انسحب من حياتك , فنحن خطان مستقيمان لا يتلاقيا في نقطة واحد .

رفع القلم أذياله وهرولا مسرعًا .

رفعت حنان صوتها ونادت القلم بالرجوع إليها .

رد القلم وقال : حنان اليوم أخذلك .

وحملت نسائم الربيع القلم بعيدًا عن حنان .

أما حنان فقد تفجر الحنان والحب من بين أناملها لتلامس الورود , وتزقزق مع العصافير .

قالت لها الورود : روائح عطرنا تفوح مع نسمات ربيع الأمل .

وقالت لها العصافير : على أجنحتنا ننقل إبتسامتك , وبريشنا نخط سرورك .

انثري بذورك لنلتقطها بمناقيرنا ونزرعها في دروبك الخضراء .

تبسمت حنان وأشرقت بإبتسامتها شمس البهجة والسرور.

بقلم / زكية العبكري