صمود


صمود

صمود لم يكن في ذاكرتي .

ولم تتجرأ نفسي .

ويطيعني قلمي .

وأنثر لكم قلبي .

فهذا القلب السعيد بحب جميع فئات البشر .

الذي أخذ على عاتقه مسح رذاذ الدموع عن أحبته .

وجرأت أناملي تخط جانب من حياتي المكنوزة في أعماق قلبي .

وتقلعها أظافري الرقيقة .

وبجرأة نفسي تناغي أحبتها .

وتكسر نفسي قيودها .

بشفافية الطفل البرئي .

صمود عبدالله هذا اسمي في هويتي .

حياتي ممزوجة بالفرح والسرور , وأن طعمت بشوائب الأحزان تضل الطفولة محفورة في ذاكرتي .

شباب مفعم بالحيوية والنشاط , يبتسم لطفولة الأمس , ويحلم بالمستقبل المتزن .

وتكتمل الحياة وتسير السفينة فوق أمواج الحياة بهدوء .

وبهدوء الأمواج تمحى جنون الحياة .

وتنقلب السفينة في عرض المحيط , وتشل حركتي .

وفي قلب الصدفة عاشت نفسي .

مكبلة بقيود الغربة و أسوارها المتنافسة مع قمم الجبال الشاهقة .

وتمتد دموعي , وتخمد أنفاس صوتي .

وتحرق قلبي أنين الغربة .

وبالغربة دنسة كرامتي .

وتنظر عيني للحياة .

ولم ترى إلا فتات من نفسي , تأن تحت وطأة الغربة .

وبين أسوار غربتي , تتجمهر أحبتي .

أناملي التسعة كالتسعة الشهور التي عشتها بين أحشاء أمي .

تتألق وتحلق بين أحبتي .

أصرخ ... وأصرخ  واسمع صدى أناملي التسعة .

ويسيل الأنين , لثقل القيود .

قيود غربتي طحنت عمر غربتي المديد .

وتقف غربتي كالسد المنيع .

وتحجب نظري عن فرحة أبنائي , بل تحرمني من عناقهم .

وعن أحزانهم .

وأقسمت أحبتي , بحبهم وبولائهم .

أن تسير وتكسر قيود غربتي .

وصدفة غربتي أقوى من الحجرة الصماء , وأشد من الجبال الشامخة .

وتخلع مخالب أحبتي , وتقطر دموعهم الزكية على شرايين قلوبهم الملتهبة بنيران غربتي .

وتعلوا هتافات قلوبهم , وتبتر أوردتهم بخيوط من حرير .

فأقف حائرة بين أطباق صدفتي .

 كما عجزت أناملي التسعة أن تسحبني من غربتي .

غربة حفرت على جبين العمر , لم تختارها أنفاسي , ولم تسير على أوتارها أقدامي .

حملها عاتقي , وحمل أوزارها وأعبائها من غير أن يكون لأظافري رسم لخيوطها .

غربة مزجة بدمي وبرائحة عطري لتنثر عبقها على روحي .

صمود ... نعم .

صمود في غربتي المعانقة لسنوات عمر الزهور المسحوقة براعمها .

المنثور حقها , لم تغيب تحت أطباق الثراء , السائر نعشها نحو قلب الموالي .

صمود اتمنى ألا تنافس غربتي , سنوات عمر من دعا قومه ليلًا ونهار وسرًا وجهار .