المرء مع من أحب
الحب هو المستوى الأعلى من العلاقة بين طرفين، وهو على درجات ومراتب. قال تعالى:﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ﴾. سورة البقرة 165
والحب انجذاب قلبي يحكي عن مستوى التعلق بالمحبوب، ولذا نسأل الله في دعاء كميل أن يجعل قلوبنا متيمة في حبه تعالى (وقلبي بحبك متيما)، والتَّيْمُ هو استيلاء الحب على القلب كله.
ومن آثار الحب والتعلق بالمحبوب في الدنيا أن الإنسان يُحشر يوم القيامة مع من أحب، أيا كان هذا المحبوب. ومن هنا فإن المسألة في غاية الخطورة، وعلى الإنسان أن يفحص قلبه جيدا ليعرف إلى مَن يخفق، وإلى أين تذهب به نبضاته.
1- عن عبد الرحمن بن صفوان، قال: هاجَرَ أبي صَفوانُ إلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وآله وهُوَ بِالمَدينَةِ ، فَبايَعَهُ عَلَى الإِسلامِ ، فَمَدَّ النَّبِيُّ صلّى الله عليه و آله يَدَهُ ، فَمَسَحَ عَلَيها ، فَقالَ صَفوانُ : إنّي اُحِبُّكَ يا رَسولَ اللهِ ، فَقالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه و آله : المَرءُ مَعَ مَن أحَبَّ.
2- عن عبد الله بن الصّامت، قال: حَدَّثَني أبو ذَرٍّ ـ وكانَ صَغوُهُ (أي مَيلُهُ) وَانقِطاعُهُ إلى عَلِيٍّ وأهلِ هذا البَيتِ عليهم السّلام ، قال : قلت : يا نَبِيَّ اللهِ ، إنّي أُحِبُّ أقواماً ما أبلُغُ أعمالَهُم ، قالَ : فَقالَ : يا أبا ذَرٍّ ، المَرءُ مَعَ مَن أحَبَّ ، ولَهُ مَا اكتَسَبَ. قُلتُ : فَإِنّي أُحِبُّ اللهَ ورَسولَهُ وأهلَ بَيتِ نَبِيِّهِ ، قالَ : فَإِنَّكَ مَعَ مَن أحبَبتَ.
3- قال جابر بن عبد الله الأنصاريّ ـ لِعَطِيَّةَ العَوفِيِّ ـ : يا عَطِيَّةُ ، سَمِعتُ حَبيبي رَسولَ اللهِ صلّى الله عليه و آله يَقولُ : مَن أحَبَّ قَوماً حُشِرَ مَعَهُم ، ومَن أحَبَّ عَمَلَ قَومٍ أُشرِكَ في عَمَلِهِم... أحبِب مُحِبَّ آلِ مُحَمِّدٍ صلّى الله عليه و آله ما أحَبَّهُم ، وأبغِض مُبغِضَ آلِ مُحَمَّدٍ ما أبغَضَهُم وإن كانَ صَوّاماً قَوّاماً ، وَارفَق بِمُحِبِّ مُحَمِّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ؛ فَإِنَّهُ إن تَزِلَّ لَهُ قَدَمٌ بِكَثرَةِ ذُنوبِهِ ثَبَتَت لَهُ أُخرى بِمَحَبَّتِهِم ، فَإِنَّ مُحِبَّهُم يَعودُ إلَى الجَنَّةِ ومُبغِضَهُم يَعودُ إلَى النّارِ.
4- عن أبي جَعفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الباقر عليهما السّلام : أنَّ قَوماً أتَوهُ مِن خُراسانَ ، فَنَظَرَ إلى رَجُلٍ مِنهُم قَد تَشَقَّقَتا رِجلاهُ ، فَقالَ لَهُ : ما هذا ؟ فَقالَ : بُعدُ المَسافَةِ يَابنَ رَسولِ اللهِ ، ووَاللهِ ما جاءَ بي مِن حَيثُ جِئتُ إلّا مَحَبَّتُكُم أهلَ البَيتِ. قالَ لَهُ أبو جَعفَرٍ عليه السّلام : أبشِر ، فَأَنتَ وَاللهِ مَعَنا تُحشَرُ. قالَ : مَعَكُم يَابنَ رَسولِ اللهِ ؟ قالَ : نَعَم ، ما أحَبَّنا عَبدٌ إلّا حَشَرَهُ اللهُ مَعَنا ، وهَلِ الدّينُ إلَّا الحُبُّ ، قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ : قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ.
الآن اسألوا قلوبكم من تحب، وستجيبكم بصدق وشفافية.. وكل واحد بعدها سيعرف إلى أين سيذهب به حبه؛ فالأمر كما قال تعالى في سورة القيامة:﴿بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ(15)﴾
اللهم إنا نحب نبيك وأهل بيت نبيك صلواتك عليهم أجمعين فاحشرنا معهم.
جمعتكم مباركة.. أحبكم جميعا..