جاسم قو أحمد
.. وما كانَ مجهولاً لديهِمْ ليُعرَفَا ،
أكانَ عليهِ أن يموتَ فيُنصَفَا ؟!
تغمَّدُهُ الباري بخلانِهِ كما
تغمَّدهُم من حُسنِ حظّهم الوفا !
أُحِبُّ سجايا الطّيّبينَ ، أحبُّهمْ ،
وأَطلُبُهمْ أهلاً وسهلاً وأحرُفَا !
وآليتُ إلا الطّيّباتِ تُصيبُني ،
فمن شاءني أهلاً ، ومنْ عافَ .. فالعَفَا !
لقد بلغتني بعضُ أخبارِهِ ، فما
تلقّيتُ إلا رازقيَّاً مفوَّفَا !
وها هو يسلُوها الخريطةَ كالّذي يموتُ ،
ويستعلي عُرُوجاً مُثقّفا!
وحسبُ كرام النّاسِ أنّكَ مُحتفى الكرامِ ،
وقد يُزري الّلئامُ بمحتفى !
هو استثمرَ القرآنَ في ما يُريدُهُ ،
فأودعَهُ أحبابُهُ الرّملَ مُصحَفا !
تخفَّفَ مِن كلِّ الطّموحاتِ قلبُهُ ،
وما مِن دُعاءِ المؤمنين تخفَّفَا !
بَنَى الرّجُلُ البنّا ، وأعلى وأشرَفَا ،
ولا يطلُبُ البنَّا من القولِ زُخرُفا !
أقِمْ مسجداً للحُبِّ يحيا بِه النَّدَى ،
فإنَّا مللنا الحُبَّ ورداً مجفَّفا !
مساجدُ أشباهُ المناحلِ ، إنَّما
سيُغريكَ من شهد الحقيقةِ ما صَفَا !
مآذِنُ لا شيءٌ كأنَّ صُداحَهَا
وقدملأَ الآفاقَ .. شيءٌ من الجفا !
قليلاً قليلاً من ندىً في الأذانِ ،
لا تردُّوهُ كاللاشيءِ معنىً مجوّفا!
بنى الرّجُلُ البنّا ، فكانَت قلُوبُهم
مساحاتِه الكُبرى ، وأعطى فما اكتفَى !
هو الآنَ في دهشِ الوصُولِ ، عيُونُهُ
على مُجرَيَاتِ الخُلدِ دهشَاً مُجغرَفَا !
خريطةُ عدنٍ لا تكادُ تُطيعُهَا
أصابعُ ظنٍّ عبقريٍّ تطرَّفا !
فماذا ترى في هندسيّاتِ جنَّةٍ ،
وأنتَ الذي في الهندسيّاتِ أسلَفَا ؟
كأنِّي به في لحظةٍ من تأمُّلٍ ،
يُحاولُ مِعمارَ الجنانِ تعرُّفا !!