الشيخ العوامي: الحياة الإنسانية مقصدٌ تشريعيٌّ عام
أكّد سماحة الشيخ فيصل العوامي على أن الدماء والمحافظة على الحياة الإنسانية هي من المقاصد الكبرى في التشريع الإسلامي بمعني أنها محترمة ولا يجوز التعدّي عليها بأي حالٍ من الأحوال.
ففي خطبته الأسبوعية أشار سماحته إلى أن التشريع الإسلامي جعل من مقاصده الكبرى صيانة الدماء والأعراض، والتي عبّر بعض الفقهاء المعاصرين عن الأول منها بالمحافظة على الحياة الإنسانية وعن الثاني المحافظة على الكرامة.
أما كيف عرفنا أنها من المقاصد الكبرى؟
فأجاب الشيخ العوامي: بأن ذلك يظهر من التغليظ الشديد والجزاء في العقاب، كما يظهر من عدم القبول بالمبررات المجوِّزة، قال سبحانه: ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ (المائدة:28)﴾، فالآية تشير إلى أن قابيل كان يهمُّ بقتل أخيه هابيل﴿بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي﴾ ولكن هابيل مع ذلك لم يفعل مثله، إذ لا يجوز التعدي بالقتل أبداً، ويظهر شدة التغليظ من قوله سبحانه : ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾ (النساء:93)﴾، فليس الجزاء الخلود في نار جهنم وحسب، بل الغضب واللعن والعذاب العظيم.
ولو تساءلنا لِمَ كل هذا؟!
يجيبنا القرآن الكريم: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾ (المائدة:32)﴾ ، فكأنَّ المعتدي بالقتل اعتدى على الإنسانية جمعاء، وليس على نفس واحدة.
مختتماً بالقول: بأن الاحتياط في الدماء مطلوبٌ من الحاكم كما هو مطلوب من المحكوم، فالله سبحانه هو الذي وهب الحياة وهو الذي يأخذها، وليس من حقِّ أحدٍ التعدي عليها، وقد تجلّت دقائق هذا الاحتياط في سير المعصومين الكرام بشكلٍ واضح.