من أوليات زيارة المدينة المنورة
بسم الله الرحمن الرحيم
6- من أوليات زيارة المدينة المنورة
مما يوفق له المؤمن في حياته أن يكون دائم الحج والعمرة والزيارة للمعصومين عليهم السلام وعلى رأسهم النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم و أئمة البقيع عليهم السلام وهنا لا يسعني ونحن في أشهر الزيارة إلا ذكر بعض الأوليات التي إذا استحضرها المؤمن أثناء زيارته للمدينة فإنه يحظى بشيء مخصوص منهم عليهم السلام فهم باب الله الذي منه يؤتى وخلفائه الذين يمثلونه في الأرض ويجسدون المصداق الأكمل لصفاته وأسمائه.
عندما ينوي الإنسان الزيارة ينبغي عليه استحضار أن هذه الزيارة فضل من الله لا يعطى لكل أحد بل هو شيء مخصوص صدَّ عنه كثير من أهل الدنيا ] إذ صد عنه عبادك وجهلوا معرفته ومالوا إلى سواه فكانت المنة منك علي مع أقوام خصصتهم بما خصصتني به ......[ فهذا الشعور العظيم يجعل الإنسان يدرك أن هذه الخصوصية هي فرصة ينبغي عليه استغلالها واستثمارها فيما يعود عليه بالنفع في الدين والدنيا والآخرة , ولذلك يجب عليه أن يجدد التوبة وأن يسترضي أهل الحقوق حتى يكون مهيأً للإفاضة منهم صلوات الله عليهم .
ورد في غير محل عند الفريقين أن تراب طيبة شفاء من كل داء ومن أراد فليراجع كتاب وفاء الوفا للسمهودي لإتمام الفائدة ، فالذي أريد قوله أن للمدينة ولترابها خصوصية ينبغي على المؤمن أن يحافظ على قدسية المكان المقدس المقصود وأن يراعي كافة الآداب عند ورودها والتشرف بزيارتها.
إن المؤمن الذي يطوي المسافات ليصل إلى هذه البقعة المباركة عليه أن يكون ضيفاً في الحقيقة منذ خروجه من منزله إلى عودته بالسلامة فيكون مستحضراً أنه في سفره هذا ضيف الرسول والأئمة الطاهرين فيكون مَلَكاً في صورة حسية يعصم نفسه عن المعاصي والآثام بقدره ومن يعزم يوفقه الله ويدعو له ولي الله الأعظم روحي فداه لا أن يدخل عليهم ما يسيئهم من معاصي وآثام وتبرج ونحوها وهو في جوارهم صلوات الله عليهم , ثم إن الورود على الرسول والأئمة عليهم السلام لا كالورود على سائر المخلوقين فلابد من مراعاة الآداب كالغسل وحبذا لو جدد عزمه ونوى غسل التوبة في كل أغسال زيارتهم صلوات الله عليهم وعليه إذا ورد أن لا ينشغل بشيء قبل الزيارة كالأسواق والتنزه فإنه من ذهب لشيء بدأ به فقد روي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ) من زارني بعد موتي كان كمن زارني في حياتي).
إن زيارة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليست كزيارة غيره فعلى المؤمن أن يعرف أنه يقف أمام أفضل مخلوق خلقه الله تعالى وسبب الخير كل الخير(فاتح الخير) فعليه بالأدب في حضرته قال تعالى (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) الحجرات2.
وعليه استغلال هذه الفرصة الذهبية ليقرأ القرآن قراءة واعية متدبرة وكأنه يقرأها على صاحبها ومن جاء بآياتها صلى الله عليه وآله وسلم وليستأنس بالقرآن في محضره عليه الصلاة والسلام وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
أما الروضة فلا ينبغي للمؤمن أن يضيع أي فرصة تُسنح له للصلاة فيها والتزود منها فهي كما ورد عند الفريقين روضة من رياض الجنة فعليه أن يستحضر أنه في الجنة حقاً والجنة فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين فلا يبخل من الدعاء لإخوانه ونفسه ومن سأله الدعاء فإن الدعاء في الجنة لا يرد أبداً ، وليزر البضعة الطاهرة فقد يكون قبرها في هذه الجنة كما ورد في بعض الأخبار وعليه كذلك أن يذهب للبقيع في كل فرصة ولا يأتي في خاطره أن هدم قبورهم عليهم السلام هو من نزول شأنهم عند خالقهم بل هو رفعة لهم عليهم السلام ليرفعهم دنيا وآخرة فعليه قصدهم عليهم السلام و الاستغاثة بهم والتوسل بهم فهم باب الله ومصاديق رحماته.
وعلى المؤمن أن يقرأ في معالم المسجد والمدينة ليقف على آثار دولة الإسلام ويستذكر أيام الإسلام الأولى ويأخذ منها العظة والعبرة بقدره.
نسأل الله لنا ولكم الموفقية والسداد وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين .